استخدام نظم المعلومات الجغرافية في رصد انعكاسات الهجرة الدولية على التطور الحضري لمدينة بركان المغرب

استخدام نظم المعلومات الجغرافية في رصد انعكاسات الهجرة الدولية على التطور الحضري لمدينة بركان

ملخص


تعتبر نظم المعلومات الجغرافية أحد التقنيات الحديثة للحصول على المعلومات ومعالجتها. ستقدم هذه الورقة دور هذه النظم في رصد انعكاسات الهجرة الدولية على التطور الحضري لمدينة بركان، ومعرفة دور المهاجرين وتوزيعهم الجغرافي حسب الأحياء وحسب دول الهجرة. 

وقد اعتمدنا في هذه التقنية بشكل أساسي على تصميم التهيئة وبعض النماذج لتصاميم إعادة الهيكلة (Plans de redressement des quartiers) لأحياء سكنية بمدينة بركان، كما تم تغذية قاعدة البيانات المرتبطة بها اعتمادا على معطيات البحث الميداني.

تمكن تقنية استخدام نظم المعلومات الجغرافية (SIG) من تحقيق عدة أهداف، من قبيل الرفع من كفاءة استخدام تصاميم التهيئة، وذلك بعد القيام بمسح ميداني لكل الدور السكنية الفارغة والآهلة بالسكان، حيث يمكن التعرف على طبيعة السكان مهاجرين أو غير مهاجرين، وطبيعة وظائفهم وغير ذلك من المعطيات. كما تمكن هذه العملية من أخذ عينة مناسبة يمكن اعتمادها كركيزة أساسية للبحث؛ وبالنتيجة يمكن رسم عدة خرائط آلية بالاعتماد على نظم المعلومات الجغرافية؛ تتعلق برصد الدور السكنية للمهاجرين وغير المهاجرين، والتطور الكرونولوجي لاستقرارهم بالمدينة وهجرتهم إلى الخارج، وتوزيعهم الجغرافي حسب الأحياء وحسب دول الهجرة وطبيعة استثماراتهم السكنية في الأحياء القديمة والجديدة (عمارات – سكن مغربي – فيلات)، وترددها، والتحولات المرتبطة بتغيير السكن وغير ذلك.

كلمات مفاتيح: الهجرة الدولية – التطور الحضري – نظم المعلومات الجغرافية – خرائط. 

مقدمة

شهد علم الجغرافيا في السنين الأخيرة تطورا كبيرا ليس على المستوى المنهجي فقط، بل كذلك على مستوى الأساليب والتقنيات المستعملة في تحقيق الأهداف المرجوة؛ ويظهر ذلك جليا من خلال الاعتماد الكبير على الأرقام، أو ما يعرف بالاتجاه الكمي المتمثل في تطبيق الأساليب الإحصائية في تحليل مختلف العلاقات. في هذا السياق تشكل نظم المعلومات الجغرافية (GIS) مجمعا متناسقا يظم مكونات الحاسوب والبرامج وقواعد البيانات بالإضافة إلى الأفراد، ويقوم في مجموعه بحصر دقيق للمعلومات المكانية وتخزينها وتحديثها واستفسارها ومعالجتها وتحليلها وعرضها (فالح، 2004.، 16)[1]. وتكمن أهمية استخدام نظم المعلومات الجغرافية (GIS) في استخدامها كأداة تحليلية وتقنية ذات فعالية كبيرة سواء للمخططين أو متخذي القرارات في مجالات متعددة (تدبير المجال – الفلاحة – تدبير الموارد الطبيعية وحماية البيئة – رصد الأخطار الطبيعية – التطور الحضري...)، وذلك بالنظر إلى إمكانياتها الكبيرة في تخزين مختلف البيانات الوصفية والمجالية، ثم معالجتها دفعة واحدة. في هذا الإطار تسمح هذه النظم بتنفيذ مجموعة من المهام، كإدخال المعطيات من مصادر مختلفة (خرائط – صور الأقمار الاصطناعية – نظام تحديد المواقع العالمية ...)، ثم تخزينها وتنظيمها وتحليلها وعرضها وإخراجها بواسطة أشكال مختلفة (خرائط – رسوم بيانية – جداول ...). وتهدف هذه الدراسة إلى إبراز أهمية استعمال تقنية نظم المعلومات الجغرافية من خلال برنامج Arc Gis في رصد علاقة المهاجرين بالخارج بالتطور الحضري لمدينة بركان.

تمتد هذه المدينة على مساحة 14 كلم2 بسهل تريفة الذي يعتبر من أكثر المناطق خصوبة في الجهة الشرقية، كما تستفيد من موقعها في منتصف الطريق الرابطة بين العاصمة الجهوية و


جدة ومدينة الناظور (خريطة 1)، وبذلك فهي تحتل مكانة هامة في الدرع الحضري الجهوي، بحيث تعتبر ثالث تجمع حضري مهم بعد وجدة والناظور، باستحواذها على 13% من السكان الحضريين لكل الجهة، مقابل 8,2% سنة 1960. لقد ساهمت الظروف التاريخية المرتبطة بالاستعمار والتحولات الهيدروفلاحية التي عرفتها العديد من السهول المغربية والتحولات الاجتماعية المرتبطة بانعكاسات الهجرة الدولية، بدور مهم في نمو المراكز الحضرية بها خلال مرحلة ما بعد الاستقلال، خاصة مع تفاقم أزمة البوادي التي شجعت بشكل مباشر على تنامي تيارات الهجرة نحوها (بلعسري، 1995.، 125)[2].


































في هذا الإطار عرفت مدينة بركان نموا متواصلا لمجالها الحضري، نتيجة ارتفاع تيارات الهجرة الريفية، والتي تم تغذيتها من طرف أسر المهاجرين إلى أوربا ومن اليد العاملة التي جاءت من مختلف المناطق المغربية للعمل في القطاع الفلاحي بسهل تريفة. وقد انعكست هذه الهجرة بشكل مباشر على نموها الديمغرافي السريع ؛ حيث ارتفع عدد سكانها من 39015 نسمة سنة 1971، إلى أكثر من 80000 نسمة سنة 2004 و109237 نسمة حسب إحصاء 2014. فما هو إذن دور الهجرة الدولية في التطور الحضري لمدينة بركان؟ وأين يتجلى دور نظم المعلومات الجغرافية في إبراز أهمية هذه الهجرة في التطور الحضري للمدينة؟

1. المنهجية المتبعة لإبراز دور الهجرة الدولية في التوسع المجالي لمدينة بركان 

لتحليل ودراسة هذا الدور كان لا بد من تتبع عدة خطوات متسلسلة، مع الاعتماد بشكل أساسي على عدة آليات مهمة؛ لذلك اقتضى هذا العمل المرور بمرحلتين أساسيتين:

أ- مرحلة جمع المعطيات غير الميدانية: تمت في هذه المرحلة زيارة عدة مؤسسات وإدارات، من أجل جمع أكبر قدر ممكن من المعطيات التي تخص مدينة بركان. كما تم جمع بيبليوغرافية مهمة، شملت أطروحات ومجلات من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة وفاس والرباط. ومن زاوية التهيئة العمرانية، مكننا تصميم التهيئة (Plan d’aménagement) لمدينة بركان، إضافة إلى بعض النماذج لتصاميم إعادة الهيكلة (Plans de redressement des quartiers) لأحياء سكنية بنفس المدينة من توضيح الإشكالية المدروسة والإلمام بتفاصيلها؛ شملت هذه التصاميم ست تجزئات سكنية، تم اختيارها عشوائيا، ثلاثة منها قديمة وأخرى جديدة، وذلك من أجل رصد بعض التباينات والفوارق السوسيومجالية ما بين الأحياء، من قبيل تاريخ الإنشاء وطبيعة السكن والسكان؛ 

ب- مرحلة العمل الميداني: مرت بدورها بمرحلتين، مرحلة الملاحظة والمعاينة الميدانية المتكررة لمجال الدراسة، وقد اعتبرت هذه المرحلة مهمة جدا نظرا لفائدتها في استكشاف المجال وتذليل العديد من الصعاب المتعلقة بالبحث الميداني، أما مرحلة المسح الميداني للتجزئات السكنية المذكورة سابقا، فقد تمت بمساعدة ستة من أعوان السلطة "مقدمين"، لهم دراية كافية بالساكنة. مكن تحليل ومعالجة المعلومات المحصل عليها من معرفة جيدة ودقيقة للوضعية السوسيو ديمغرافية للأسر، إن كانوا مهاجرين أو غير مهاجرين، وتاريخ الهجرة إلى المدينة وإلى أوربا من جهة، ورصد الدول المهاجر إليها من جهة أخرى. كما ساعدتنا هذه المقاربة على تحديد العينة التي ضمت 20 % من أرباب الأسر المهاجرة والمالكة لدور سكنية بهذه الأحياء (جدول 1). مثلت هذه العينة 302 استمارة ميدانية، تم ملؤها بمعية المهاجرين، وقد تضمنت كل واحدة منها اثنين وستين سؤالا، وشملت جوانب متعددة من حياة المهاجر؛ وضعيته السوسيو ديمغرافية، وبعض الجوانب المتعلقة بهجرته إلى الخارج، وكذا بعض الخصائص الاقتصادية المتعلقة به.

جدول 1: توزيع العينة المتخذة من دور المهاجرين بمدينة بركان
الأحياء
مجموع المنازل
عدد منازل المهاجرين
العينة المتخذة من دور المهاجرين (20 %)
حي المكتب
1012
365
73
حي السي عبد الله
329
197
39
بويقشار
770
300
60
السعادة
476
360
72
الوفاق
314
232
46
الوفاء
73
60
12
المجموع
2974
1514
302
المصدر: البحث الميداني، 2009 - 2011














ج - مرحلة جرد ومعالجة وإنتاج المعلومات الجغرافية: اقتضى العمل في هذه المرحلة ضرورة المرور بمجموعة من الخطوات: قمنا في الخطوة الأولى منها، بترميز مجموع الأسئلة التي تضمنتها الاستمارة عن طريق برنامج Excel، ثم عمدنا بعدها إلى تفريغها بمساعدة نفس البرنامج، لنمر بعدها إلى مرحلة تحليل المعطيات. شملت الخطوة الموالية عمل كارتوغرافي رقمي؛ حيث قمنا بتحويل تصميم التهيئة الخاص بمدينة بركان (Plan d’aménagement) من نظام Auto Cade إلى نظام Arc Gis، ثم عملنا على تحويل هذا التصميم إلى Arc Map، وباستعمال الماسح الضوئي قمنا بتحويل التصاميم الست للتجزئات السكنية التي حصلنا عليها واشتغلنا عليها ميدانيا إلى صور (JPJ). وبمساعدة برنامج (Arc Gis) تمكنا من خلال تحديد بعض النقط البارزة المشتركة ما بين تصميم التهيئة وصور تصاميم التجزئات من إسقاط هذه الأخيرة على مواقعها الصحيحة على تصميم التهيئة لمدينة بركان. وكخطوة نهائية قمنا بتحويل المعطيات الميدانية الخاصة بكل دار سكنية بالتجزئات السكنية الست إلى قاعدة بيانات وإنتاج مجموعة من الخرائط الموضوعاتية الرقمية بالاعتماد على برنامج (Arc Gis).


2. دور الهجرة الدولية في التطور الحضري لمدينة بركان

حققت مدينة بركان تزايدا سكانيا مهما خلال مرحلة السبعينات، وصل إلى 90% (الصدق، 2004.، 176)[3]، وقد كان لهذا الارتفاع انعكاسا مباشرا على التوسع المجالي للمدينة خلال هذه المرحلة، والذي تعزز بتطور حجم الأحياء السكنية المحيطة بها، وبالتالي استطاعت هذه المدينة أن تكون في مصاف الحواضر المغربية التي حققت نموا سكانيا سنويا مهما، وصل إلى 6% خلال الفترة البيإحصائية (1971 - 1982). مع إحصاء 1982، ارتفعت ساكنة المدينة إلى أزيد من 60490 ، يفسر هذا الارتفاع في جانب مهم منه بأهمية استثمارات المهاجرين إلى أوربا في العقار، حيث تبين من خلال البحث الميداني أنها وصلت إلى 26% خلال الفترة الممتدة ما بين 1981 و1991، بعدما لم تكن تمثل سوى 18,52% خلال المرحلة السابقة (مبيان 1) (عونة خ، 2014.، 198) [4]. كما يتضح دور الهجرة الدولية في توسع المجال المبني من خلال عدد الرخص المسلمة من طرف بلدية بركان، حيث تم تسليم أكثر من 55% منها للمهاجرين إلى الخارج.


تميزت مرحلة 1993 - 2003 بتواصل ارتفاع حركة التعمير، ويجد هذا تفسيره في ارتفاع معدلات الهجرة القروية لأسر المهاجرين إلى الخارج في اتجاه المدينة. فخلال هذه المرحلة سجلت استثمارات هذه الفئة في العقار حدها الأقصى، حيث بلغت 27,41% (المبيان السابق)، وانعكست هذه الهجرة على ارتفاع عدد السكان بشكل مهم، حيث وصل إلى 77026 نسمة حسب إحصاء سنة 1994. عرفت المدينة خلال هذه المرحلة توسعا حضريا واسعا، عجزت عن كبحه الجهات المعنية. امتد هذا التوسع في شكل مثلث شمال غرب، إلى الجنوب الشرقي، محاطا بالنواة الاستعمارية المتعامدة الشكل، ومتجهة جنوبا عبر تجزئات سكنية غير قانونية، وذلك في ظل استمرار تيارات الهجرة القروية التي أدت إلى ارتفاع ساكنة المدينة، حيث أصبحت تمثل حسب إحصاء 2004، 80012 نسمة. أما مرحلة ما بعد سنة 2003 فقد مثلت أضعف مراحل الهجرة الدولية، حيث لم تتجاوز 2% من تيارات الهجرة الموجهة نحو أوربا، إلا أنها سجلت في نفس الوقت ارتفاعا متواصلا لحركة التعمير، وفي هذا الإطار لوحظ ارتفاع مهم في عدد رخص البناء، حيث سجل 300 رخصة ما بين سنتي 2001 و2002، ليتجاوز خمسة أضعاف هذا العدد ما بين سنتي 2011 و2012، (1618 رخصة). ظلت مساهمة المهاجرين في هذه الرخص مهمة حيث ارتفعت من 52% سنة 2000 إلى 70% في سنة 2005. يجد النمو المتواصل لعدد الرخص تفسيره في الطلب المتزايد على السكن، خاصة من طرف المهاجرين الجدد إلى اسبانيا وإيطاليا خلال سنوات التسعينات من القرن الماضي، والسنوات الأولى من القرن الحالي، إضافة إلى تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية، والتي أدت بفئات مهمة من المهاجرين إلى تحويل مدخراتهم نحو الداخل[5]، وبالتالي استثمارها في قطاعات مختلفة منها السكن.

3. أهمية نظم المعلومات الجغرافية في رصد دور الهجرة الدولية في التطور الحضري لمدينة بركان

تعتبر نظم المعلومات الجغرافية من خلال برامجها المتنوعة ومنها برنامج Arc Gis من الأدوات العلمية المهمة التي تساعد على تفسير وتوضيح العديد من الظواهر الاجتماعية، كعلاقة الهجرة الدولية بالتطور الحضري لمدينة بركان، حيث مكنتنا هذه الأداة وبالاعتماد على المعطيات التي تم تحصيلها انطلاقا من المسح الميداني والاستمارة، من إنجاز مجموعة من الخرائط الآلية وتحليلها، ومنها:

- خريطة لرصد تمثيلية دور المهاجرين داخل النسيج الحضري لمدينة بركان (خريطة 2): تبين لنا من خلال هذه الخريطة ارتفاع ملكية المهاجرين إلى الخارج بمختلف الأحياء السكنية بالمدينة، سواء القديمة أو الحديثة، القانونية منها وغير القانونية؛ فبالأحياء القديمة كحي بويقشار، نجد أن 39% من الدور السكنية تعود ملكيتها للمهاجرين بالخارج. أما بالأحياء غير القانونية كحي المكتب، فترتفع هذه النسبة إلى 46% ، لتتجاوز هذه النسب المذكورة بالأحياء الحديثة القانونية إلى 82% بحي الوفاء و76% بحي السعادة.


- خرائط متنوعة لرصد توزيع المهاجرين بمدينة بركان حسب دول الهجرة: يظهر من خلالها طغيان الدور السكنية للمهاجرين إلى فرنسا، سواء تعلق الأمر بالأحياء السكنية القديمة أو الجديدة؛ فبالأحياء الجديدة كحي السعادة نجد أن 31% من الدور السكنية تعود ملكيتها للمهاجرين إلى فرنسا (خريطة 3)، وترتفع هذه النسبة إلى 45% بحي الوفاء (خريطة 4)، و33% بحي الوفاق (خريطة 5). أما بالنسبة للأحياء القديمة، فتمثل 29% بالنسبة لحي المكتب (خريطة 6)، و16,96% بحي بويقشار (خريطة 7)، و27% بحي السي عبد الله (خريطة 8). فيما يتعلق ببقية الدور السكنية، فهي تتوزع ما بين مهاجرين من مختلف الدول؛ فبحي السعادة تأتي الدور السكنية التي تعود ملكيتها للمهاجرين إلى اسبانيا وهولندا في المرتبة الثانية ب 7% لكل منهما، في حين تأتي دول أخرى كبلجيكا وألمانيا في المراتب الموالية (خريطة 3).

من المعطيات المهمة التي يمكن استنتاجها أيضا من الخريطة السابقة هي أن الدور السكنية التي تعود ملكيتها لغير المهاجرين تصل إلى 38% ، كما تمثل القطع الأرضية غير المبنية 9% . أما بالنسبة لحي الوفاء فتسجل هذه الأخيرة 4% ، في حين تصل الدور الموجودة في ملكية غير المهاجرين إلى 25% (خريطة 4).

أما بالنسبة لحي الوفاق، فتأتي الدور السكنية التي تعود ملكيتها للمهاجرين إلى اسبانيا في المرتبة الثانية ب 9% ، في حين تأتي تلك التي تعود ملكيتها للمهاجرين إلى ألمانيا في المرتبة الثالثة ب 7% (خريطة 5).


تبرز الخريطة السابقة أيضا ارتفاع المجال غير المبني بالحي، والذي يصل إلى 31% ، وانخفاض الدور السكنية لغير المهاجرين، حيث لا تتعدى تمثيليتها 7% . وبخصوص الأحياء القديمة كحي المكتب، تحتل الدور السكنية التي تعود ملكيتها للمهاجرين إلى كل من بلجيكا واسبانيا المرتبة الثانية ب 5% ، في حين تأتي تلك التي تعود ملكيتها للمهاجرين إلى هولندا وألمانيا في مراتب متأخرة (خريطة 6).

من الملاحظات الجديرة بالاهتمام أيضا ارتفاع تمثيلية الدور السكنية التي تعود ملكيتها لغير المهاجرين، والتي تحقق 4% ، وترتفع هذه النسبة بحي بويقشار إلى 58% (خريطة 7).

بنفس الأهمية، ترتفع نسبة الدور السكنية التي تعود ملكيتها للمهاجرين إلى بلجيكا وهولندا بهذا الحي، حيث تمثل على التوالي 7,83% و4,63% . نفس النتائج يمكن ملاحظتها على صعيد حي السي عبد الله، حيث تأتي بلجيكا في المرتبة الثانية بعد فرنسا ب 12% من دور المهاجرين، في حين تحتل كل من هولندا واسبانيا المراتب الموالية ب 9% و6,21% (خريطة 8). وتجدر الإشارة في هذا الصدد، إلى انخفاض كبير أو انعدام شبه كلي للبقع الأرضية غير المبنية بهذه الأحياء القديمة، وعلى العكس من ذلك ترتفع نسبتها بالأحياء الحديثة النشأة.

خاتمة

تؤكد النتائج التي تم التوصل إليها استنادا إلى المسح الميداني والاستمارة وبالاعتماد على برنامج Arc Gis مجموعة من الحقائق:

- على المستوى التقني: إن نظم المعلومات الجغرافية عندما يدمج مع العمل الميداني يتيح للجغرافيين والمخططين والمدبرين للوضع الحضري إمكانيات مهمة في رصد هذا التطور؛ فبالإضافة إلى التعرف على طبيعة السكان والسكن واتجاهات هذا التطور، فإن هذا النظام يسمح باستيعاب قدر كبير جدا من المعلومات ومعالجتها دفعة واحدة، إضافة إلى إمكانية تجديدها وإعادة تحليلها ومعالجتها، ولكن للأسف فإن هذه التقنية ما تزال تستعمل على نطاق محدود بمختلف المؤسسات المهتمة بالتطور الحضري بالمغرب.

- على المستوى العلمي: أثبتت نتائج البحث الميداني والتي تمت معالجتها وفق نظام المعلومات الجغرافية Arc Gis أن توسع المدار الحضري لمدينة بركان لا يمكن ربطه بالتحولات التي عرفها القطاع الفلاحي بسهل تريفة وهجرة اليد العاملة التي عرفها من جهات عديدة من المغرب فحسب، بل يعود في جانب كبير منه إلى الهجرة الدولية، حيث عمد المهاجرون إلى استغلال جزء وافر من مدخراتهم في الاستثمار وبشكل أساسي في قطاع العقار.

إن ارتفاع عدد الدور السكنية التي تعود ملكيتها للمهاجرين إلى الخارج بمدينة بركان، جعل جلها فارغا، أو يتم استغلاله عن طريق الكراء أو الأقارب. تقترب هذه الحقيقة في جزء كبير منها بما توصلت إليه نتائج إحصاء 2004 التي أشارت إلى أهمية المساكن المخصصة للكراء ببعض مدن الجهة الشرقية، حيث تمثل %22، أو التي تسكنها عائلات بالمجان، حيث تمثل 23% .

ببيبليوغرافية
- الصدق ع.، 2004، المدن والأرياف: العلاقات وتنظيم المجال في شمال شرق المغرب (الضفة اليمنى لملوية)، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الآداب، شعبة الجغرافيا، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وجدة، 176؛
- بلعسري م.، 1995، ملاحظات حول نمو الظاهرة الحضرية بالدائرة السقوية لعبدة دكالة ، الملتقى الثاني الوطني لجغرافي المدن، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، بنمسيك الدار البيضاء، 125؛ 
- عونة خ.، 2014، التحولات المجالية والسوسيو اقتصادية بسهل تريفة في علاقتها بالهجرة الدولية، أطروحة لنيل الدكتوراه في الجغرافيا، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، سايس فاس؛
- فالح ع.، 2004، أساسيات نظم المعلومات الجغرافية، مطبعة أنفو برانت، فاس، 16؛
- مداد م.، 1997، مدن القطاع المسقي بتادلة، بعض الإمكانيات وعوائق التهيئة ، مجلة كلية الآداب، بني ملال، العدد الثاني، 25.
[1] - فالح ع.، 2004، أساسيات نظم المعلومات الجغرافية، مطبعة أنفو برانت، فاس، 16 
[2] - بلعسري م.،1995، ملاحظات حول نمو الظاهرة الحضرية بالدائرة السقوية لعبدة دكالة ، الملتقى الثاني الوطني لجغرافي المدن، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، بنمسيك الدار البيضاء، 125 
[3] - الصدق ع.، 2004، المدن والأرياف: العلاقات وتنظيم المجال في شمال شرق المغرب (الضفة اليمنى لملوية)، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الآداب، شعبة الجغرافيا، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وجدة، 176. 
[4] - عونة خ.، 2014، التحولات المجالية والسوسيو اقتصادية بسهل تريفة في علاقتها بالهجرة الدولية، أطروحة لنيل الدكتوراه في الجغرافيا، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، سايس فاس. 
[5] - أكد أحد المسؤولين بالبنك الشعبي بمدينة بركان أن التحويلات المالية في اتجاه مدينة بركان عرفت ارتفاعا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، وذلك لأن المهاجرين في الخارج يتخوفون من ترك أموالهم بالبنوك الأجنبية بسبب الأزمة الاقتصادية.












ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة 2013 | أعلن معنا | يوسف ادعبد االله | خريطة الموقع | سياسة الخصوصية