أشكال التكيف والتأقلم مع التغيرات المناخية والتنمية المستدامة الشاملة بالمغرب يوسف إدعبد الله أستاذ وباحث في الجغرافيا والاعلاميات
































أشكال التكيف والتأقلم مع التغيرات المناخية والتنمية المستدامة الشاملة بالمغرب  يوسف إدعبد الله أستاذ وباحث  في الجغرافيا والاعلاميات 


تعد مشكلة التغيرات المناخية من بين المواضيع التي تعرف جدلا كبيرا في الملتقيات والندوات الدولية، وتشكل خطرا على البشرية والنظم الاجتماعية والاقتصادية، وتزداد حدتها ببلدان لا تتوفر على خطط المواجهة وتعتبر المغرب من بين البلدان الأكثر تأثرا بهذه التغيرات. كيف يتم إذن معالجة هذا المشكل على الصعيد الوطني وطريقة أجرأته، وماهي أشكال التكيف والتأقلم معها   وماهي انعكاساتها على التنمية المستدامة بالمغرب؟

"تشكل ظاهرة التغيرات المناخية الميزة الأساسية لمناخ المغرب؛ فالبلاد كانت على الدوام عرضة لتناوب فترات الجفاف وفترات الفيض المطري. بيد أنه منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي أصبحت هذه التغيرات أكثر حدة وعنفا، وتجلى ذلك في تردد أحداث مناخية متطرفة جدا، مثل الجفاف العنيف والطويل الذي عاشته البلاد ما بين 1980 و2007 والذي يعتبر استثنائيا بكل المقاييس، بالإضافة إلى بعض السنوات الممطرة جدا والتي تسببت في حدوث فيضانات مهولة في بعض المناطق، مثل فيضانات 1996، و1997، و2001، و2002، و2009، ثم 2010, وتؤكد مختلف الدراسات على وجود ارتباط قوي بين هذه الأحداث المناخية وما يشهده مناخ العالم حاليا من تقلبات مناخية تحت تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري".عبد العزيز باحو

خريطة المناطق المناخية المغربية من 1964 إلى 2005








إن موضوع التغيرات المناخية شائك وحساس، حيث يتداخل فيه السياسي والاجتماعي والاقتصادي ومخاطر المناخ المتمثلة في الظواهر الطبيعية. وأنشأت العديد من المؤسسات على الصعيد العالمي لمعالجة آثار هذه التحولات لكنها لم تحد من مشاكلها ولم تأخذ سياسات فعلية وتطبقها على أرض الواقع، وبخصوص المغرب باشر مجموعة من الإجراءات من أهمها الاهتمام بالطاقة الشمسية والرياحية   وتشكيل العديد من الحظائر لها على المستوى الوطني في الريف والجنوب. لكن   يبقى السؤال المطروح ما مدى ملائمة هذه السياسة الوطنية مع المناخ الجديد، إن أهم المخاطر الناتجة عن التغيرات المناخية بالمغرب مثل الجفاف والفيضانات وهي من الظواهر الأكثر ترددا وتطرفا. إن بلادنا فيه اختلافات مجالية من جبال وهضاب وسهول وصحراء ونطاقات متعددة ونسبة منها عبارة عن مناطق شبه قاحلة وقاحلة، وبالتالي مناخها شقيق للمناخ الصحراوي. إن الإجراءات التي اتخذت تبقى غير كافية ومن الضروري   قياس آثارها على أرض الواقع فخلال هذا العام حينما لم تسقط الأمطار رأينا مدى حزن الفلاحين وخوفهم من ضياع السنة، يجب إعادة النضر في سياستنا وإجراءاتنا فاقتصادنا غيبي مرتبط بالتساقطات وعائدات العمال بالخارج والسياحة، وكلها عوامل تتأثر بفقدان اعتماداتها وغير ثابتة وغير مستقرة نضرا للعوامل الجيوستراتجية والطبيعية والسياسية. يجب عقلنة النضر في إجراءاتنا وسياستنا المناخية والتفكير على المدى البعيد.

وعلاوة على ذلك فإن التكيف والتأقلم مع التغيرات المناخية يبقى من بين الإجراءات الازمة اتخاذها ولكن كيف ذلك؟ ،إن الأرض هي حية كالبشر  ومناخها في حركة  دائمة  ومستمرة ومتغيرة وهو ما نسميه بالمناخ الجديد ، ولأجل مواكبة هذه المظاهر المناخية  المعقدة من الواجب تسطير سياساتنا حسب الأنظمة المناخية الجديدة .إذا كانت بلادنا شهدت الظواهر المناخية المتطرفة كالجفاف  والفيضانات بكثرة  وترددا  في السنوات الماضية  ، فإن علينا  أن نستغلها لصالحنا  وتحويلها إلى منافع فمثلا إذا كانت الفيضانات فعلينا  أن نزيد من عدد السدود  لتخزين جميع  المياه التي تضيع هباء من أجل سنوات العجاف ، وذلك سينتج عنه  في حالة إذا كان جفاف طويل و قاسي ارتياح والعيش بأمان، ولنا أن تأخذ من  النمل عبرة في طريقة تدبيره لفترة الندرة  والعجاف ، وفي سورة يوسف أيضا الكثير من العبر عن التخطيط والتدبير والأزمات التي تمر منها الأمم.  وتخطيها في النهاية بسهولة لأنه سينتج عن تدبير مخاطرها الوقاية وحماية الأمن الغذائي والاجتماعي والاقتصادي للبلاد.  كما يتوجب مراجعة جميع الاختلالات التي تسربت إلى المستويات الترابية بين جميع تشعباته العالم الريفي والحضري وأيضا معالجة مشاكل من بينها التلوث. وهنا نتساءل حينما يقتل إنسانا جاره نسميه بالمجرم ولماذا لا نطلق على من يدمر البيئة أو يلوث نهر أيضا؟ إذا كان الإنتاج والصناعة يساويان التلوث فمن الضروري إيجاد حل لها من دون إلقائها مباشرة في الهواء والطبيعة   عن طريق دعم البحث العلمي في هذا المجال.  فالتكيف والتأقلم يقتضيان فهم المستقبل والماضي وتطبيق القوانين بجدية عالية وضرورة التخطيط المعقلان عن طريق التدبير والوقاية والإصلاح. والبحث عن آثار تلك الفواجع   في الماضي ورواشمها وأخد منها العبرة وعمل خطط لاستغلال تلك المخاطر لصالحنا للتقليل من مساوئها والاستفادة من محاسنها وقيادتها بدل أن تقودنا.

تعد التنمية المستدامة من المفاهيم التي يركز عليها الجميع، ويجب أن تتحول إلى تنمية شاملة ماضية وحالية ومستقبلية تقودنا إلى منافع للجميع، وتجنبنا مخاطر التغيرات المناخية ويتوجب حفظ الأنظمة الايكولوجية والبشرية وجعلها في توازن دائم، فكل شيء في الطبيعية يوجد شيء أخر ضده. فعلينا أيضا أن نبحث عن أشياء وعناصر تقلل من مساوئ التذبذبات المناخية ومخاطرها. نعم للتنمية لكن يجب محاربة مساوئها ويتطلب هذا خلق أدوات تشجع التنمية دون الحاق الضرر بها.

إن البيئة التي نعيش فيها شهدت في 50 سنة الماضية الكثير من الاستغلال وبدأت تفقد توازنها الأم وهذا ما سيؤدي إلى كوارث ستؤثر في النهاية على الانسان نفسه. إن الانسان العقلاني هو الذي يدرس المخاطر الماضية ويقود المستقبل بتدبير وتخطيط لأجل التقليل من مساوئ التغيرات المناخية.

ومما لا شك فيه، أن تحقيق هذه الأفكار وغيرها على أرض الواقع ليس بالأمر الهين في ظل وضع اقتصادي متأزم. ويبدو أن تطوير مستوى المشاركة وتحمل المسؤولية والعمل الجماعي كالبنيان المرصوص من طرف كل الفاعلين المعنيين سيكون المخرج الوحيد من هذه الوضعية الحرجة والمتقلبة وتطبيقها على أرض الواقع.
      


المراجع
-        محمد أزهار محاضرات في الجغرافي الطبيعية 2014 كلية الآداب والعلوم الإنسانية المحمدية (غير منشور
-        محمد سعيد قروق مفهومالاستثناءفي تفسير الوضع المناخي الحالي http://marocenv.com/284.html
-        عبد المالك السلوي (2004): التساقطات والحصيلة المائية بالسهول الاطلنطية المغربية، أطروحة منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية المحمدية
-         عبد المجيد السامي 2010-2011 محاضرات تحث عنوان الأخطار المناخية كلية الآدب والعلوم الإنسانية المحمدية  غير منشور

-        علي ايت احسين 2010-2111 محاضرات في الجغرافيا تحث اسم المشاكل البيئية جامعة ابن زهر كلية الآدب والعلوم الإنسانية أكادير (غير منشور)
-        محمــد أنفلـــوس محاضرات في الجغرافيا أدوات وآليات التهيئة والتدبير الساحلي كلية الآدب والعلوم الإنسانية المحمدية  http://magazine-geo.blogspot.com/
-        د. محمد صباحي     مطبوع خاص حول قضايا بيئية     http://magazine-geo.blogspot.com/
 (عبد العزيز باحو وآخرون). التغيرات المناخية وانعكاساتها العامة على الموارد المائية وعلى الفلاحة وسبل التأقلم معها   
-          مباشرة معكم: أي اجراءات لإنقاذ الموسم الفلاحي؟ - الجزء الأولhttp://magazine-geo.blogspot.com/2016/01/blog-post_50.html

-        عباب مراد وآخرون  2015 -الثورة-القادمة-في-شمال-افريقيا-الكفاح من أجل العدالة-المناخية منشورات مؤسسة روزا لوكسمبورغ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة 2013 | أعلن معنا | يوسف ادعبد االله | خريطة الموقع | سياسة الخصوصية