غابة بنسليمان عامل مؤثر على الموارد المائية بالإقليم الجزء الثاني


صورة رقم : 3 تظهر إنسياب المياه داخل غابة بنسليمان 

  
  المصدر: بحث ميداني 2014/01/25

ينتمي إقليم بنسليمان الى المنطقة الاقتصادية للمحيط الأطلسي ما بين ولايتي الرباط سلا والدار البيضاء الكبرى على مساحة تناهز 234000 هكتار، أهم ما يميز الإقليم احتواءه على ثروة غابوية جد مهمة ومتنوعة فمساحة الغابات تقدر ب 5800 هكتار أي ما يعادل ربع المساحة الاجمالية للإقليم وتأتي الغابة في الرتبة الثانية بعد الفلاحة من حيث الاستغلال المحلي للأراضي. وتتوفر الغابة في الإقليم على ثروة نباتية جد متنوعة أهمها شجر البلوط الفليني شجر العرعار البري والجبوج والدرو وغير ذلك[8].
وتشكل غابة بنسليمان منظومة بيئية طبيعية متوازنة تمتاز بالغنى والتنوع في توفر غطاء نباتي كثيف تأخذ طابع أدغال في بعض المواقع ، كما تضم موقعا ذو أهمية بيولوجية وإيكولوجية إنه موقع وادي الشراط الذي يشكل خزانا للتنوع البيولوجي وموقعا سياحيا جذابا ، وبالرغم من اختفاء العديد منها فلا تزال غابة بنسليمان ملجأ للعديد من الطيور وتتميز كذلك بتنوع طبيعي مهم يتمثل في تعدد المواقع الصخرية ،وأيضا انتشارا للضايات التي تعتبر مناطق رطبة وتشكل أوساطا لنمو أنواع نباتية نادرة على الصعيد الوطني ومواقع سياحية جذابة ، إضافة إلى كونها تمد التربة بالرطوبة .[9]

2. الدور الإيكولوجي لغابة بنسليمان
إن مساحة هكتار واحد من الغابة تمتص سنويا من 5 إلى 10 طن من ثاني أكسيد الكربون السام وتطلق من 10 إلى 20 طن من الأكسجين الضروري للحياة. إضافة إلى ذلك فإن الغابة، إذا كانت في وضعية متوازنة، تعمل على التقليل من التبخر وما يتبع ذلك من تلطيف للمناخ والزيادة من رطوبة التربة وخصوبتها. كما تخفف من حدة التهاطل المطري المركز وما لذلك من آثار إيجابية على تنظيم الجريان المائي السطحي والباطني، الذي يحد من تبديد التربة ومن انزلاقها خاصة بالسفوح الجبلية والمنحدرات (تؤدي التعرية المائية إلى فقدان التربة ومن مظاهرها الفيضانات التي وقعت في المحمدية 2002)، ومن ثم الحماية من الفيضانات التي تحدث خسائر بالبنيات التحية والمباني وغيرها، وتجرف التربة والرمال وعدة مواد صلبة التي تترسب بالأودية وخاصة بالسدود التي تتعرض للتوحل. فضلا عن كون الغابة تشكل موطنا لمجموعات من النبات والوحيش من بينها جزء هام مستوطن بالمغرب. كما تحد من سرعة الرياح وبذلك تحد من ترمل الأراضي الفلاحية والتجمعات الحضرية.[10]

3. عوامل وأسباب تراجع غابة بنسليمان وعلاقة ذلك بالموارد المائية

تتسم غابة بنسليمان بالغنى والتنوع وبوسط طبيعي متوازن لكنه يتعرض لتأثيرات طبيعية وبشرية، منها مشاكل طبيعية مرتبطة بالتطور العادي للوسط وبالأزمات المناخية وكذلك مشاكل مرتبطة بالتأثير البشري، فالأضرار التي تلحق الثروة الغابوية هنا هي نتاج مجموعة من الممارسات والتدخلات الغير منظمة للعنصر البشري، فعدم التوازن بين متطلبات الحياة اليومية ومحدودية الموارد ينتج عنه استغلال مكثف للثروات الغابوية. [11]

إن توازن هذا الصنف الغابوي الطبيعي يزداد هشاشة تحث تأثير مجموعة من العوامل منها الضغط الرعوي والاجتثاث والقطع والحرائق وانتشار بعض الأمراض خاصة خلال العقدين الأخرين اللذين عرف سنوات الجفاف الحاد. وعموما فالمساحة الغابوية بإقليم بنسليمان ما فتأت تتراجع باستمرار، خاصة بالنطاق الساحلي، فباستثناء بقايا متدهورة ومحدودة جدا من الأشجار والنباتات الطبيعية المتلاشية بالضفاف السفلى لوادي الشراط والنفيفيخ.[13]

بسبب تراجع الغطاء النباتي وتحول المساحات الغابوية إلى سهب ، أصبحت تربات غابة بنسليمان الغابوية والغنية بالمواد العضوية معرضة للتعرية المائية والريحية ، وتعتبر ضفاف واد الشراط المنطقة الأكثر تعرضا لظاهرة التعرية ، فشدة الانحدار تساعد على نقل كميات كبيرة من التربة بفعل السيول الناتجة عن مياه الأمطار ، كما أن تدهور مساحات غابوية شاسعة من العرعر والزيتون البري التي تحمي التربات الطينية نشطت مختلف عوامل التعرية ، الشيء الذي يؤدي إلى تكوين مسيلات وخنادق تدل على وجود تعرية مائية نشيطة في عدة مناطق من غابة البلوط الفلين ، فاختفاء أشجار البلوط وتعويضها بأنواع نباتية ذات كثلة حية سنوية ضعيفة ، يضعف إلى حد كبير غنى وخصوبة التربة ، الشيء الذي يتسبب في ضياع تربة تطلب تكوينها وتطورها ألاف السنين والتي لا يمكن تعويضها خاصة في الظروف المناخية الحالية .[14]

إن المشكل لا يكمن في قطع الغابة، لكن آثاره السلبية تحدث في الفترة الفاصلة بين فترة القطع وفترة الإنبات حيث يصبح السطح عاري لعدة سنوات. كما أن إبادة الغابة عند السفوح المتوسطة والقوية الانحدار حيث البروزات الصخرية الهشة جعلها مواقع لنشاط تشكالي خاصة التخديد. [16]

خلاصة
يساهم عدم انتظام التساقطات المطرية في خلق أضرار خطيرة على سطح الغابة، بحيث توالي سنوات جافة ينتج عنه تأخر فترة انبات الغطاء العشبي، مما يدفع السكان المحليين إلى تعويضه بقطع أوراق وأغصان البلوط الأخضر ككلإ للماشية، مما يساهم في انفتاح الغابة، وبالتالي جعل التربة عرضة للتعرية.[18]

إن مستقبل المجال الغابوي بإقليم بنسليمان مهدد بمزيد من التدهور إذا لم يواجه بمنظور جديد يأخذ في الاعتبار كل معطيات الواقع الاجتماعي والاقتصادي والبيئي لهذا المجال ويجعل الغابة عاملا أساسيا في التنمية المحلية المندمجة والمستديمة والمتوازنة ، ومن هذا المنطلق فإن مختلف الاعتداءات التي تتعرض لها الغابة بهذه المنطقة تلزم الدولة والجماعات المحلية بتدخلات عاجلة ترمي إلى إعادة تشجير المساحات الغابوية المندثرة ، ثم الحد من أشكال التدهور والإستتراف التي تتعرض له الغابة حفاضا على استمرارية الموارد التي توفرها من جهة وعلى التوازن البيئي بالمنطقة من جهة ثانية . [19]

فعوامل عدم استدامة الموارد الغابوية كثيرة ومتعددة ، منها ما هو مرتبط بالأنشطة البشرية ، كالرعي والاجتثاث، وكذا بعض السلوكات التي لا تخدم البيئة كالحرائق، أو قد تكون طبيعية كعدم التجديد الطبيعي للغابة ، أو بفعل الدينامية الطبيعية التي تعرفها الأوساط الطبيعية ، كتعرية السفوح وانزلاقات التربة ، حيث يتم جرف الغطاء النباتي وتعمل التعرية على تجريد السفوح من غطائها النباتي أو بفعل الجفاف الناتج عن تراجع كميات الأمطار .إذن فالمجالات الغابوية هي أنظمة بيئية غنية تلعب أدوارا كبيرة ،حيث تحفظ التوازن البيئي وتساهم في الاقتصاد المحلي ، وتتميز بتعدد الفاعلين والمتدخلين في استغلالها وتدبيرها .
  للمزيد من المعلومات : المراجع أيضا على الرابط التالي:
http://magazine-geo.blogspot.com/2015/05/20132014.html

الجزء السابق على الرابط التالي :  http://magazine-geo.blogspot.com/2015/05/blog-post_78.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة 2013 | أعلن معنا | يوسف ادعبد االله | خريطة الموقع | سياسة الخصوصية