التنمية المستدامة في العالم القروي والواحات


التنمية المستدامة في العالم القروي والواحات 



 







 








  يوسف عشمان
 التنمية المستدامة في العالم القروي والواحات ، عنون لأعمال ندوة صدرت مؤخرا عن سلسلة الندوات بكلية الاداب والعلوم الانسانية ، بجامعة المولى اسماعيل (2012)، تضم ثماني مداخلات علمية ، قاربت الموضوع ، انطلاقا من محاور أربع حددها القسطاني بن محمد منسق الندوة :
1- التقنية بين التصور العالم والمهارات التقليدية
2- المعرفة وأساليب تنقلها
3- تنظيم المجال والمجتمع
4- القيم والتوجهات
وهي مداخلات الأساتذة قسطاني بن محمد " من القبيلة الى المجتمع النضيد " ، عبد المالك ورد " في مفهوم التنمية المحلية والمشاركة "، محمد أيت حسو ،حول "التنمية الحضرية بالمجال الواحي ، نموذج قلعة مكونة " ، والأستاذ علي بن طالب عن " مسألة الجباية و أثرها على التنمية في العالم القروي " والاستاذ عبد الرحيم عنبي حول " السياحة الثقافية ودورها في تنمية الواحات " والأستاذ امحمد مهدان عن " الإعداد المائي والتنمية بالواحات الجنوبية للمغرب ، والطالبة الباحثة نورة الناه حول قضية " العمل الجمعوي بالأطلس الصغير ، تافراوت نموذجا "، والأستاذ محمد جحاح " المجتمع القروي بين سيرورة التحديث وإعادة إنتاج البنيات التقليدية .
والقاسم المشترك بين مداخلات الندوة هو الانشغال بهم التنمية بالمجال القروي / الواحي ، محدداتها ، عوائقها ، أسباب تخلفها إن محليا وإن في ارتباط بالسياسات والمؤسسات الدولية ، وكذا دور المجتمع المدني الصاعد تجلياته وحدود تدخله ...
تفكيك عوائق التنمية من منظور الباحث السوسيولوجي والأنثروبولوجي الشامل والمتجاوز للنضرة التبسيطية ، باحثا العلاقة بين البنى الفكرية والثقافية والأشياء في تجلياتها الواقعية .
وإذ نشير الى أن هاته الأفكار في هذه السطور ما هي إلا نزر يسير من الاقتباسات لا تغني أبدا من العودة إلى الكتاب الأصلي حيث أن سياسة البتر من السياق قد تجعل المعنى مشوها وقد تسيء لمتن الحديث أصلا ، لكن من باب الإخبار والتذكير تحفيزا للعودة إلى المؤلف الغني بمداخلات الأساتذة الغنية والمتنوعة ،.
لقد عرفت المجتمعات التقليدية بقيم المساواة والتسامح و اليوم تجتاحها قيم التنافسية والربح أي قيم السوق فهي في ازدواجية متناقضة أي أننا تحولنا " من القبيلة الى المجتمع النضيد " وهذا عنوان مداخلة الأستاذ بن محمد قسطاني ، يرصد فيها التحولات التي عرفتها القبيلة التقليدية حيث انسجام الهوية الى مجتمع نضيد ، نتيجة ما يسميه الأستاذ " الصدمة الكولونيالية " (ص5) ، بالاضافة الى الانسجام والقدرة على تكوين نخب قادرة على تدبير شؤون القبيلة وفق " أخلاق أنسية " كالمعاملة بالمثل ومقيدة بشروط" المشاركة والانتماء والالتزام ".
ويرى بن محمد قسطاني أن الأطروحة الكولونيالية لم تفهم القبيلة الامازيغية لتعقد واقعها ، هذا الواقع " الذي لا يمكن إدخاله في أي خانة تنميطية بسيطة (ص 5) ، .
وقد أورد الأستاذ مفاهيم أغنت مداخلته وتشكل مفتاح فهم لمجتمع القبائل بالواحات من قبيل " الامغار " " الأنحكام أو القاضي " " الإمساين أو الضامنين " . بالإضافة إلى " الأعراف " لكن فهمها بـ " دون مسبقات و إسقاطات و أحكام قيمة " (ص6- 7) هو الكفيل بفهم هذه المجتمعات ، الشيء الذي غاب عن المستعمر بسبب سياسته الرامية الى تحطيم القبيلة عن طريق " أشكال ثلاث أساسية ، توطينها أولا ، ثم إدارتها ثانية وبعد ذلك تدجينها بالمدرسة والمشاريع " (ص8).
لكن سياسة الاستقلال لم تحمل معها الكثير من التغيير لهاته المجتمعات لطغيان النزاع السياسي حول الزعامة والنقاشات المذهبية الفارغة ، ورغم بروز مجتمع مدني فتي إلا انه يخشى من أن " يفرغ من محتواه "(ص12) .
والحل الذي يراه القسطاني في ختام مداخلته هو ضرورة العودة إلى التربية بمفهومها الشامل ، والترفع عن الخلافات ، والاعتراف بكل الأطياف دون إقصاء .
أما مداخلة الأستاذ عبد المالك ورد فقد كانت حول " مفهوم التنمية المحلية والمشاركة "، تناول فيها خطاب الفاعلين الدوليين الذي يركز على التنمية المحلية ، وأهمية الفاعلين المحليين في عملية النمو الإقتصادي للمجتمعات في أفق تجاوز الفقر والتخلف .
فهذه المفاهيم (التنمية ، الفاعل المحلي ...) تعتبر من المفاهيم المركزية والبالغة الأهمية في الخطاب المهيمن " خطاب الفاعلين الدوليين الأساسيين وخطاب المؤسسات المالية الدولية " (ص16 ) مع التركيز على إشراك مختلف الفاعلين في القطاعين العام والخاص او الشبه العمومي .
لكن السؤال المطروح هو هل يمكن الحديث عن تنمية فعلية ؟
وهل تنامي أعداد الجمعيات بالمغرب دليل بروز فاعل محلي قوي ؟
هذه الإشكالات تبقى هي الأخرى مرتبطة بسؤال جوهري هو مدى التقدم في المجتمعات الغربية ذاتها أمام سيادة قيم ومبادئ السوق في المجتمع الدولي ؟
إشكالات ترفع الحجاب عن الواقع المزري هناك و كيف بالحال يكون هنا ؟ إذ " هناك اتساع متزايد لظاهرة العنصرية ، اتساع مساحة الفقر ، توسع الشبكات التي تتاجر في العمالة الجنسية مستغلة الأوضاع الإقتصادية المزرية للعديد من البلدان "
ينضاف لهذا انهيار التنظيمات النقابية وانتصار الطرف الذي يتحكم في الرأسمال ، كل هذا أدى إلى اختلالات اقتصادية وتنمية غير متوازنة .
كما وقف الأستاذ ورد مع أحداث 11 شتنبر التي " شكلت حلقة مركزية في كل التحولات الدولية اللاحقة و النتائج المترتبة عن ذلك " (ص 19) ، حيث قسم(بضم القاف) العالم إلى محورين " محور الخير ومحور الشر ، على قاعدة من ليس معنا فهو ضدنا " (ص20) ...
وارتباطا بالمجتمع المغربي يرى عبد المالك ورد أن منطق التنمية و المشاركة وما ارتبط بها من مفاهيم " الديمقراطية المجالية " وغيرها .. في ظل مبادرات قاصرة ، فالمغرب رغم المجهودات المبذولة من الدولة والمجتمع المدني يبقى عاجزا عن مواجهة المشاكل الحاسمة " (ص25) ، خاصة الشغل ، التمدرس ، الصحة ...
لأسباب لعل أبرزها ارتهان المحلي و الوطني بالاستراتيجية الدولية ، خاصة الرابحين منها
وهو ما يقودنا إلى ضرورة تعريف التنمية وعلى أي أسس تنبني ؟

أما مداخلة الدكتور محمد أيت حسو ، أستاذ عن شعبة الجغرافيا بمراكش .، فقد كانت حول " التنمية الحضرية بالمجال الواحي ، نموذج قلعة مكونة " حاول من خلالها مقاربة المشاكل التي تعاني منها منطقة إمكون التي تعتبر " مجالا واسعا وغنيا بموارده المتنوعية ، كما تمثل في نفس الوقت مجالا هشا يتعرض لضغوطات متزايدة تحت تأثير التغيرات المناخية ، التزايد الديمغرافي ، التوسع العمراني ... هذا ما يضخم حجم متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية .
وتمثل مدينة قلعة مكونة أهم تجمع سكني بالمنطقة وحاضرتها . وقد عرفت هذه الأخيرة توسعا مجاليا مهما يعزى الى عائدات الهجرة الدولية بالاساس وبشكل ثانوي الى وظيفتها الإدارية لكن هذه الأخيرة تعاني من عجز حضري واضح يعوق تنميتها وينعكس سلبا على التنمية والمجال ، (31).



 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة 2013 | أعلن معنا | يوسف ادعبد االله | خريطة الموقع | سياسة الخصوصية