تجارب عالمية في مجال جهوية التربية والتكوين


تجارب عالمية في مجال جهوية التربية والتكوين

 

 

تجارب عالمية في مجال جهوية التربية والتكوين

إن جهوية قطاع التربية والتكوين ليس جديدا في العالم. فمختلف الدول التي اعتمدت مقاربة الجهوية في تدبير شؤونها وفي مجال التنمية المحلية طبقت بشكل أو بآخر جهوية التربية والتكوين باعتباره من بين المكونات الأساس لهيكلة الجهوية ولتفعيلها على أرض الواقع. وتجدر الإشارة إلى أن لكل دولة تاريخها وثقافتها وتجربتها الخاصة في مجال التعامل مع الجهوية. فلكل دولة خصوصياتها المتحكمة في تجربتها. ومن أجل إغناء التفكيرفي تصور نموذج لتسيير جهوي لمنظومة التربية والتكوين ببلادنا يساير الخصوصيات المغربية نقدم فيما يلي بعض النماذج في هذا المجال. وليس الغرض من هذه النماذج هو النقل الحرفي لأحدها، ولكن نتوخى من ذلك إغناء التجربة المغربية في مجال جهوية منظومة التربية والتكوين بمجموعة من الأفكار وال إجراءات القابلة للتطبيق في الواقع المغربي وتتماشى في نفس الوقت مع خصوصياته. وفي هذا السياق وقع اختيارنا على مجموعة من التجارب ذات المرجعيات المختلفة.
1- تجربة الولايات المتحدة الأمريكية
تعتبر تجربة الولايات المتحدة الأمريكية من بين التجارب العالمية الناجحة في شان التدبير الجهوي وتطبيق اللامركزية الترابية بشكل واضح وفعال بصفة عامة، وفي مجال التعليم بصفة خاصة. ففي دراسة نشرتها "الملحقة الثقافية السعودية في أمريكا" حول نظام التعليم في أمريكا خلصت الباحثة إلى أن نظــام التعليم في أمريكا نظام " لا مركزي" تديره الحكومات المحلية. ولهذا السبب فإن القوانين التي تحكم هيكل ومضمون برامج التعليم تتنوع بدرجة كبيرة ما بين ولاية وأخرى ، ومع ذلك تبدو هذه البرامج متشابهة بشكل ملحوظ بسبب العوامل المشتركة بين هذه الولايات كالحاجات الاجتماعية والاقتصادية والتنقل المتكرر للطلاب والمدرسين من ولاية إلى أخرى. ومن ثم فإن التجريب والتنوع في كل ولاية لا يعوق دون ظهور شكل عام للنظام التعليمي في أمريكا.
ومن الناحية العملية فهناك اشتراك لثلاث جهات في إدارة التعليم في أمريكا: الحكومة الفيدرالية ، وحكومة الولايات ، والحكومات المحلية. وتقع المسؤولية في إدارة التعليم في النظام الأمريكي على الحكومات المحلية"1 .
وحسب الموسوعة الحرة "ويكيبيديا" فكل جهة تقوم بأدوار محددة نقدمها على الشكل التالي:
أولاً: الحكومة الفيدرالية:
الحكومة الفيدرالية لا تشرف إشرافاً مباشراً على التعليم ، إلا أنها تسهم إسهاماً فعالاً في كثير من نواحيه. ويمثلها مكتب الولايات المتحدة للتعليم ، وقد تم إنشاؤه عام 1876م وللمكتب ثلاث وظائف رئيسية هي:
- البحث التربوي.
- إدارة المنح الفيدرالية التعليمية.
- تقديم الخدمات التعليمية للولايات المتحدة والهيئات القومية.
- جمع الإحصاءات
والبيانات اللازمة عن التعليم ونشر المعلومات عن المدارس وتشجيع التعليم.
ثانياً: حكومة الولايات:
أعطى التعديل العاشر لدستور الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1791م للولايات الإشراف على شؤون التعليم بها وبذلك يكون التعليم مسؤولية الولايات. ولكل ولاية حاكم ينتخب من جانب الشعب وله سلطات هامة على التعليم. فهو يتمتع بسلطات على ميزانية الولايات التي ينفق منها على التعليم وله تأثير على التشريعات التي تصدرها الولاية. وبعض حكام الولايات يشاركون في رسم السياسة التعليمية للولاية. وفي معظم الولايات يعين حاكم الولاية أعضاء مجلس التعليم بالولاية.
وتقوم الولاية بتصريف كل شؤون التعليم بما فيها تحديد المستويات التعليمية وتوزيع المساعدات المقدمة من الحكومة الفيدرالية وتنفيذ القوانين وتحديد المناهج ومواد الدراسة وتبني الكتب المدرسية أو تقديم توصيات لها.
ويوجد في كل ولاية في تنظيمها العام ما يلي:
1. الهيئة التشريعية للولاية: وهي السلطة المختصة برسم السياسة التعليمية وتحديد الاعتمادات المالية للإنفاق على التعليم وإصدار القوانين التعليمية كما تقوم بتعيين أعضاء مجلس الولاية للتعليم.
2. مجلس الولاية للتعليم: ويعتبر أعلى سلطة في الغالبية العظمى من الولايات بعد الهيئة التشريعية. والمسؤولية الرئيسية لمجلس الولاية هي تخطيط التعليم في ضوء قرارات الهيئة التشريعية واحتياجات الولاية. وتعيين من يدير التعليم بالولاية ويضم أعضاء يتراوح عددهم (5-15) وهم مواطنون عاديون يتم اختيارهم بالانتخاب أو التعيين ، وليست هناك مؤهلات معينة تشترط لعضوية المجلس ، كما أن الأعضاء لا يتقاضون أجوراً على عضويتهم. وتكون مدة العضوية بين (2-6) سنوات.
3. مدير التعليم العام: وهو المدير التنفيذي المسؤول وسكرتير مجلس التعليم. ويتم تعيينه بمعرفة حاكم الولاية أو مجلس التعليم. وقد يتم تعيينه بالانتخاب. ويشترط فيه أن يكون جامعياً وله خبرة مناسبة في مجال التعليم.
4. مديرية التعليم للولاية: وتقوم بتنفيذ السياسة التعليمية التي يرسمها ويحددها مجلس التعليم. وتعتبر مديرية التعليم للولاية الهيئة التنفيذية للتعليم بها ، وتساعد مدير التعليم على توجيه التعليم والإشراف عليه. وتضم المديرية أقساماً مختلفة للتعليم الابتدائي والثانوي والفني والعالي وإعداد المدرسين وتعليم الكبار والبحوث التربوية.
ثالثاً: الحكومات المحلية:
تنقسم كل ولاية إلى مدن وقرى ومقاطعات. ويوجد بكل منها مجلس للتعليم هو "مجلس التعليم المحلي" الذي يضطلع بكل أمور التعليم بتفويض من الولايات التابع لها. ويرأس هذا المجلس مدير محلي للتعليم. ويقوم مجلس التعليم المحلي بإنشاء المدارس وإعدادها وصيانتها وتعيين المدرسين والموظفين والإداريين وتنظيم قبول الطلاب بمختلف المراحل.
تمويل التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية
تختلف ميزانية التعليم من ولاية إلى أخرى اختلافاً كبيراً نتيجة الفروق الناتجة عن وجود أحياء فقيرة وأخرى غنية. وتضطلع بمسؤولية تمويل التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية ثلاث مصادر رئيسية وهي:
1. الحكومة الفيدرالية التي تشارك بتمويل التعليم بنسبة 4%؛
2. حكومة الولاية التي تشارك بحوالي 39%؛
3. الحكومة المحلية وتتحمل الجانب الأكبر بنسبة 57%.
ومن ثم يقع العبء الأكبر في تمويل التعليم الأمريكي على عاتق السلطات المحلية وحكومات الولايات وسبب ذلك أن التعديل العاشر لدستور الولايات المتحدة الأمريكية قد منح كل ولاية سلطة تنظيم مؤسساتها التعليمية.
وتعتمد الحكومات اعتماداً رئيسياً على الضرائب بأنواعها المختلفة في تمويل التعليم. ولذا يعتبر الإنفاق على التعليم مشكلة كبيرة نظراً لاختلاف الولايات داخل أمريكا في مستوياتها الاجتماعية والاقتصادية . ولذلك إذا كانت الولاية غنية وحصيلة الضرائب كبيرة يكون الإنفاق على التعليم كبيرا. وساعد ذلك على تقديم خدمة تعليمية جيدة. كما أن انخفاض المستوى الاقتصادي في بعض المناطق يدفع بعض الولايات الأخرى لتقديم المنح للجهات والمناطق الفقيرة.
وتفرض الضرائب في الولايات المتحدة الأمريكية بغرض الإنفاق على التعليم على المستويات التالية:
1. الضرائب المحلية: ويفرضها مجلس التعليم المحلي بغرض زيادة نفقات التعليم. ويتولى جمع هذه الضرائب وإنفاقها في مجال التعليم بالمنطقة المحلية.
2. ضرائب على مستوى الولاية: ويفرضها مجلس الولاية لتعويض النقص في الميزانية التعليمية لكل مجلس من مجالس التعليم المحلية من ميزانية الولاية، إذا لم تكن الضرائب المحلية كافية لإيصال مستوى التعليم إلى الحد الأدنى المقرر الوصول إليه.
3. ضرائب على المستوى الفيدرالي: ومن أهم الضرائب المفروضة للإنفاق على التعليم في معظم الولايات الأمريكية هي الضريبة العقارية التي يدور حولها جدل كبير على أساس أنها غير كافية وغير عادلة ، حيث أن القيمة المادية للعقار أو الشركة لا تعرف قيمتها الحقيقية إلا عند بيعها. ولذلك يقترح المعارضون للضريبة العقارية أن الدخل هو أنسب مقياس للثروة المحلية ، وبالتالي يمكن للناس دفع ضرائبهم. ولكن مؤيدي هذه الضريبة يرون أن العقارات مقياس للثروة وال إمكانات المادية مثل الدخل أو أي مقياس للثروة.
المناهج الدراسية الأمريكية
لا يوجد منهاج قومي رسمي للتعليم في الولايات المتحدة الأمريكية. وتقع مسؤولية المناهج وتخطيطها وتطويرها على عاتق إدارات التعليم بالولايات مع إتاحة الفرصة للولايات المحلية والمدارس بقدر معين من المشاركة. وعادة ما يشارك في تخطيط المناهج وتطويرها المتخصصون في المادة ومديرو المدارس والمدرسون، وذلك بالإضافة إلى أساتذة الجامعات من المتخصصين في التربية ، ومجموعات ذات اهتمامات تجارية (منتجو الكتب والمواد التعليمية) والمؤسسات القومية للمعلمين والوكالات القومية للاختبار.
ويمكن القول إن مسؤولية تحديد المناهج وتخطيطها وتطويرها تقع على الجهات التالية:
- إدارات التعليم في الولايات؛
- المؤسسات المحلية والمدارس؛
- المؤسسات القومية للمعلمين؛
- المتخصصون في المادة ومديرو المدارس والمدرسون؛
- الوكالات القومية للاختبار؛
- أساتذة الجامعات من المتخصصين في التربية؛
- أولياء الأمور وذوو الاهتمام؛
- الطلاب في بعض الولايات.
وقد تميزت المناهج الأمريكية بشكل عام في أيامها الأولى بالتأثير الديني القومي ، مع وجود اتجاه نفعي متنامي. ثم حدثت تحولات أساسية في مناهج التعليم نتيجة لجعل التعليم تعليماً مدنياً والنظر إلى التربية باعتبار أن لها دوراً هاماً في توحيد وفي إعداد الناشئة للحياة المنتجة في المجتمع الصناعي والمدني الجديد. مما أدى إلى الاهتمام بالحاجات المختلفة للمتعلمين وتوجيه الاهتمام نحو حاجاتهم الفردية الأمر الذي انعكس بصورة كبيرة في إدخال مواد جديدة في مستوى التعليم الثانوي وزيادة فرص الطالب في الاختيار2 .
وهكذا يتضح أنه في الولايات المتحدة الأمريكية ليس هناك منهج موحد، أو نظام تعليمي موحد، بل كل ولاية وفي أحيان كثيرة كل مدينة أو مدرسة محلية على حدة حسب خصوصياتها بإمكانها وضع نظامها التعليمي الخاص في إطار التوجهات العامة القومية وبإشراف حكومات الولايات والحكومات المحلية. ويتضح كذلك الوضوح في تحديد المسؤوليات مما يسهل التتبع والتقييم والمحاسبة.
2- تجربة الجمهورية الفيدرالية الألمانية
فكما هو معروف تنقسم ألمانيا إلى ستة عشر إقليماً اتحادياً ( تسمى لآندر Lander)، يتمتع كل منها بسيادته وحكومته المحلية الخاصة. و كل إقليم أو ولاية لديها وزارة للتعليم خاصة بها. لذلك فسياسة التعليم لا تخضع لرؤية واحدة. فالسياسة التعليمية في هذا البلد، حسب الموسوعة الحرة "ويكيبيا"، تنطلق من نفس المبدإ الاتحادي (الفيدرالي) الذي ينص على توزيع الصلاحيات بين الحكومة الاتحادية والولايات الستة عشر، وإعطاء هذه الولايات صلاحيات الإشراف على شؤون التعليم. وتتركز مهمة الحكومة الاتحادية في الشؤون التشريعية والمالية والتخطيط التربوي، حيث يؤكد الدستور الألماني الاتحادي على ضرورة التعاون بين الحكومة الاتحادية والولايات الألمانية في ميدان التعليم. ومن الناحية التنفيذية، تقوم لجنة تعرف باسم لجنة الاتحاد للتخطيط التربوي والبحث العلمي، وكذلك مؤتمر وزراء التعليم والثقافة في الولايات، المعروف باسم المؤتمر الدائم لوزير الثقافة في الولايات الألمانية الاتحادية، بالعمل على تنسيق العمل التربوي، في إطار النظام التعليمي الألماني وكذا الجماعات وفي تنظيم المنشآت التربوية وتحديد الاتجاهات التربوية ومضمون المناهج الدراسية، والاعتراف بالشهادات الممنوحة، وقد ساعد كل ذلك على توفير عروض تربوية ومنشآت تعليمية متشابهة ومتناسقة، وذات كفاءة. وتخضع إدارة النظام التعليمي – في ألمانيا – لنظام يقوم على ثلاثة مستويات:
المستوي الأول : مستوى (القمة) متمثلة في وزارة الثقافة في الولاية؛
المستوي الثاني : (الوسط) يتمثل في الدوائر الإدارية التابعة للمحافظ، أو هيئات المدارس العليا المستقلة، التي يشرف عليها المديرون الحكوميون، والمجالس المدرسية، التي تشرف بدورها على المدارس المهنية؛
المستوي الثالث : (القاعدة) تتمثل في الإدارت التعليمية، التي تشرف على المدارس الأساسية والعامة والمدارس المتخصصه ويرأس الإدارة التعليمية (مستشار المدارس).
ويتضح مما سبق أن التنظيم الإداري في ألمانيا يتكون من مدير المدرسة، فمستشار المدراس (مدير التعليم) فالمحافظ، فوزارة الثقافة في كل ولاية من الولايات الألمانية. وتنص المادة (21) من الدستور الألماني الاتحادي على مساهمة الأحزاب السياسية في ألمانيا، في وضع السياسة التعليمية والتربوية، المعمول بها في البلاد.
تمويل التعليم في ألمانيا يتوزع تمويل التعليم في ألمانيا بين الحكومة الاتحادية والولايات (أكبر نصيب من ميزانية التعليم) وبين بلديات المدن والقرى، وتقوم الولايات والبلديات بدفع مرتبات ونفقات المدرسين والعاملين بالقطاع.
أسس الإنفاق على التعليم في ألمانيا
الاعتماد على السلطات المحلية وحكومات الولايات في توفير ميزانية التعليم والصرف عليه؛
يمول التعليم من الضرائب العامة التي تحصلها الولايات، وتخصص لصالح التعليم والإنفاق عليه؛
تحصل بعض المدارس على دعم مالي في شكل إعانات ومنح لتعويض العجز في ميزانيتها.
وتقوم الشركات والمصانع بتقديم المساعدات الفنية مثل برامج التدريب المهني والفني للطلاب من أجل إعداد الطلبة للوظائف المختلفة، وتزويدهم بالمهارات والخبرات العملية التي تساعدهم على الالتحاق بسوق العمل. كما تقدم الحكومة الفيدرالية حوالي 7 % من جملة الإنفاق على التعليم، بينما تقدم الولايات حوالي 32 %، وتتحمل السلطات المحلية باقي نفقات التعليم التي تصل إلى مايقرب من 23 %، إلى جانب الأموال العامة، والمساعدات الموقوفة من قبل الجمعيات العلمية.
مجالات الإنفاق على التعليم في ألمانيا
- تتحدد أهم أوجه الإنفاق على التعليم فيما يلي : - دفع رواتب ومكافآت المدرسين والمعاشات المخصصه لهم من خلال حكومات الولايات الألمانية؛
- إنشاء المباني المدرسية، وصيانتها من خلال ماتقدمه الجهات المحلية؛
- توفير الأجهزة والأدوات لهذه المدارس.
بناء المناهج الدراسية
في ألمانيا، ثمة نظام هرمي في بناء المناهج الدراسية تبدأ قمَّته من الحكومة الاتحادية التي تضع الثوابت الرئيسة لهوية الأمة ووحدتها والرؤية المستقبلية لنهضتها، ثم يأتي دور المقاطعات، حيث إن لكل مقاطعة صلاحيات تطوير المناهج الخاصة بمدارسها، في إطار الرؤية الاستراتيجية للسياسة التعليمية الرسمية3 .
3- تجربة كندا
في نفس السياق، يقدم حسني عبد الحافظ 4 تجربة كندا في مجال تطبيق الجهوية في مجال التعليم ، خاصة ماله علاقة بالمناهج التعليمية. وهكذا يرى أن نظام كندا التعليمي يتسم باللامركزية، لذا فإن ثمة قاسمـًا مشتركًا، تقوم عليه صناعة المناهج الدراسية في المقاطعات الكندية كافة، يتمثل في صيانة وِحدة التراب الكندي قاطبة، إلى جانب غرس قيم التسامح والتربية من أجل السلام وحقوق المواطنة والتوسّع في مفهوم التربية من أجل التنمية المستدامة. وبداية من عام 1993، حدثت نقلة نوعَّية بتطوير المناهج الدراسية في ظل التوسَّع باستخدام الإنترنت كوسيلة فعَّالة في منظومة التعليم. وقد طبِّق في هذا الشأن ما يعرف بمشروع School Net، الذي رصدت له الحكومة الكندية 30 مليون دولار، وطال جميع المناهج في المراحل التعليمية المختلفة. وقد حظي هذا المشروع بمشاركة العديد من الجهات ذات الصِلة بالتربية والتعليم. وفي إطاره نـفِّذت عِدَّة برامج لتدريب المدرسين، على طرق التدريس للمناهج الجديدة، باستخدام الأنشطة الصفِّية المبنيَّة على الولوج الآمن في الفضاء المعلوماتي للإنترنت.
4- تجربة أستراليا
في تقرير صدر مؤخرًا بعنوان «منهج التعاون.. نحو إعادة التفكير في الوطنية»، ورد أنه منذ تشكيل نظام التعليم في أستراليا عام 1870م، فقد خضعت صناعة المناهج الدراسية للمسؤولية الدستورية للدولة، إلاَّ أنه بعد التحوّل من مركزية التعليم إلى اللامركزية صار لكل ولاية كثير من الصلاحيات في صناعة وتطوير المناهج المعتمدة في مدارسها، مع الاحتفاظ بالثوابت العامة للدولة، وفي مقدمتها الحفاظ على سلامة الوِحدة الوطنية. ومنذ بداية الألفية الجديدة، أدخِلت تعديلات في مناهج التعليم الإلزامي، بحيث أنها تحقق:
- المواءمة مع التغيّرات الاقتصادية والسياسية والثقافية والبيئية، وما طرأ من نمو في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛
- تسهيل التعليم مدى الحياة؛
- تنمية مهارات التفكير النقدي لدى المتعلمين، والقدرة على حل المشكلات.
وبداية من مارس 2010، أعِيدت صياغة المناهج الدراسية، في إطار مشروع متكامل، أطلق عليه اسم «التفاعلية في مناهج التعليم»، نـفِّذت منه المرحلة الأولى، التي تـغطِّي مناهج التعليم الأساسي في اللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم والتاريخ.
خلاصات
كيف تجسدت الجهوية في مجال التربية والتكوين من خلال التجارب السالفة الذكر؟
يتضح من خلال التجارب المقدمة سلفا ما يلي:
أن هناك تجارب ناجحة في مختلف أنحاء العالم في تطبيق الجهوية في مجال التعليم؛
أن كل دولة من الدول التي قدمنا تجاربها قامت بذلك وفق خصوصياتها؛
أن هذه التجارب تلتقي كلها حول مبدء "الحفاظ على الثوابت العامة للدولة"؛
أن هناك توزيع واضح ودقيق للمهام و الأدوار بين السلطة المركزية والسلطة الجهوية والسطة المحلية؛
أن السلطة المركزية انحصر دورها في إعداد التوجهات العامة وخاصة ماله علاقة ب " الثوابت الرئيسة لهوية الأمة ووحدتها والرؤية المستقبلية لنهضتها".
أن السلطة المحلية ( البلديات، الجماعات...) فوضت لها سلطات كبيرة في تدبير الشأن التربوي محليا؛
أن المؤسسات الاقتصادية الجهوية والمحلية تساهم في تمويل التعليم
أن مختلف الفاعلين الاجتماعيين جهويا ومحليا ( أحزاب سياسية؛ نقابات؛ جمعيات مختصة،...) تتدخل في توجيه وتدبير قضايا التربية والتعليم.
وانطلاقا من هذه الاستنتاجات العامة يمكن القول أن المغرب من خلال التوجهات العامة المعبر عنها بوضوح في خطب جلالة الملك حول الجهوية الموسعة وكذا ما جاء به دستور نونبر 2011 من نصوص في هذا الباب بإمكانه وضع نظام جهوي حقيقي لجهوية التعليم. إن الأمر يتطلب جرأة كبيرة وثقافة جديدة تقطع مع رواسب الماضي وتفتح باب الاجتهاد والمبادرة المسؤولة وفق ما جاء في الميثاق الوطني للتربية والتكوين وفي التجارب المقدمة وما تسمح به القوانين المترجمة لدستور 2011.
هوامش:
1- منشورات الملحقة الثقافية السعودية في أمريكا "دراسة حول نظام التعليم في أمريكا".
2- الموسوعة الحرة "ويكيبيديا".
3- الموسوعة الحرة "ويكيبيديا".
4- حسني عبد الحافظ،، المناهج الدراسية: رؤى وتجارب عالمية، مجلة المعرفة، العدد 204، عدد مارس 
 2012
 
 
 
المصدر : جريدة هسبريس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة 2013 | أعلن معنا | يوسف ادعبد االله | خريطة الموقع | سياسة الخصوصية