حوار مع أحد مقاومي الاستعمار الفرنسي بمدينة بنسليمان






حوار مع أحد مقاومي الاستعمار الفرنسي بمدينة بنسليمان / إعداد رشيد كرايد (طالب بكلية الآداب والعلوم الإنسانية المحمدية)

شهادة المقاوم سليمان الفايق (85 سنة)

رقم بطاقة المقاوم: 523439



- السلام عليكم الحاج سليمان..

- وعليكم السلام ولدي...

- حدثنا في البداية عن طفولتك وأيام الدراسة..

- أنا من مواليد سنة 1929، أنحدر من فرع أولاد بوسلهام أحد أبناء الولي الصالح سيدي امحمد بن سليمان الذي أطلق اسمه على المدينة وهو أحد أبناء سيدي محمد الجزولي دفين مراكش من الرجال السبعة الذين تشتهر بهم المدينة الحمراء.

درست في المدرسة المسماة حاليا بـ"مدرسة زياد" وكنت "السليماني" الوحيد الذي كان ضمن فوج سنة 1942 إلى جانب أبناء من "بني ورا" و"جمعة الفضالات" ونواحي بوزنيقة...كنا آنذاك نستفيد جميعنا -حوالي 25 تلميذا- من خدمات المؤسسة "الداخلية" والمخصصة فقط للذكور...

- كانت المدرسة مخصصة للمغاربة فقط أم كان الأجانب أيضا ضمن المتمدرسين؟

- لا أبدا كنا فقط مغاربة لكن هيئة التدريس كانت مكونة من أجانب، منهم المدير الفرنسي "السيد أبوس" وزوجته أيضا، وكانا معا يدرّسان اللغة الفرنسية في المرحلة الابتدائية "الشهادة"، لكن لا أنسى أيضا معلما يجمل الجنسية الجزائرية كان يلقننا دروسا في اللغة العربية وكان يدعى "بن حرات"....

- متى توقفت عن الدراسة؟

- إلى حدود سنة 1952...

- حصلت على الشهادة الابتدائية إذن؟

- بالطبع...لكن لم يقدموا لنا أية شهادة مكتوبة (مبتسما)!!

- ماذا بعد سنة 1952؟

- عاشرت الفرنسيين واستفدت من خدماتهم التعليمية، لكن وقع حدث قلب الصورة لدي وهو خلع السلطان سيدي محمد بن يوسف...آنذاك وبعد سنة 1953 تزعمتُ جماعة من المقاومين المغاربة بالمنطقة الغيورين على بلادهم وسلطانهم وخططنا لمجموعة من الأعمال التخريبية لممتلكات الأجانب..أو بالأحرى هي ملك لنا وليست لهم..(ضاحكا)...

- ماذا كانت أول عملية؟

- قبل ذلك أخبرك أنني كنت أبحث في البداية عن سلاح ناري ولم أجده وساومت على مسدس كان بحوزة مغربي من أبناء المنطقة لكنه رفض أن يبيعه لي، ولجأت بعد ذلك إلى صديق لي لم يرفض طلبي وقام بسرقة سلاح ناري "جويجة" من سيارة عسكرية لأمريكيين وباعني إياها بـ30 درهم...."كانت غالية" (ضاحكا)...

- ألم تعلم سلطات الاستعمار بذلك؟

- بلا فقد وصلتها أخباري قبل أن أستعمل السلاح لكن حادثة إحراق الصيدلية المركزية التي نفذها صديقي المدعو "مريبيح احمد" كانت سببا إضافيا لإبعادي عن المنقطة...

- ماذا عن المدعو "مريبيح" هل تم اعتقاله؟

- نعم كان ذلك بسبب الحاوية التي وضع فيها البنزين، كان هناك من رآها عنده قبل الحادثة وهكذا أجري التفتيش ووجدت في جيب بذلته بغرفته صورة لسيدي محمد بن يوسف وتم اعتقاله...

- هو لوحده؟

- لا اعتقلوا أيضا أخويه الحفيان ومحمد مريبيح بالإضافة إلى المدعو "محمد الكراب"...

- وماذا عنك أنت؟

- لم أعتقل ولكن أبعدت إلى مدينة الدار البيضاء حيث انضممت إلى ما كان يسمى بالمنظمة الحسنية التي كانت هي الأخرى في مقاومة للمستعمر...

- هل انقطعت صلاتك بباقي زملائك بمنطقة كمبولو؟

- لا أبداً كنت دائما على اتصال بهم بل أتزعم أعمالهم وأشاركهم العمليات التي كانت تستهدف المعمرين وضيعاتهم...ما أزال أذكر الحريق الذي أضرمته رفقة زميل لي بمعمل كبير لـ "الفرشي"، فبعد أن اقتنينا البنزين في محطة له قمنا بإضرام النار بالمعمل ودام الحريق أكثر من سبعة أيام مع استنفار كبير من طرف مصالح المستعمر...

- لم يكشف أمرك؟

- بلا لكنني غادرت المنطقة من جديد فحاولوا استفزازي باعتقال والدي وأرغموني على أن أسلمهم نفسي بعد أن دخلت في مشادات كلامية مع الحاكم آنذاك المسمى "فينيون"...تحديته لأن ما كنت أقوم به كان من أجل استقلال بلدي...

- اعتقلوك إذن؟

- نعم بعد عامين من التحقيق حاولوا فيها أن يقدموا لي رفقة من معي أموالا طائلة مقابل الخضوع، لكننا رفضنا ورضينا بالحبس...وما أزال أتذكر حارسا كان يقدم إلينا بين الفينة والأخرى ويسخر مما نقوم به وندافع من أجله فأعددنا له كمينا ذات يوم بأن ادعى أحدنا المرض والوهن حتى نتمكن من الحارس ونلقنه درسا..."قتلنا باباه وضربناه بقوالب السكر حتى بغات تخرج روحو" (ضاحكا)...لكنني دفعت الثمن وتم الاعتداء علي بالضرب (يعري على رأسه) ضربوني بعصا حديدية على رأسي وفقدت الوعي لمدة 4 ساعات من الساعة 7 مساء إلى الساعة 11 قبل منتصف الليل...

- كم دامت مدة سجنكم؟

- إلى حين حصول المغرب على الاستقلال...جاء سيدي محمد بن يوسف إلى السجن المدني حيث كنا معتقلين وفتح علينا أبواب السجن...

- (مقاطعا) محمد الخامس بنفسه؟

- نعم هو بنفسه من فتح علينا أبواب السجن وأثنى علينا وعلى نضالنا وقال لنا: "أبواب قصري مفتوحة في وجهكم متى شئتم" !!!...

- عدت إلى منطقتك "كمبولو" بعد إطلاق سراحك؟

- نعم عدت بعد ذلك إلى المنطقة وقبلت دعوتي إلى حفل أقامه المعمرون قبل رحيلهم...كان الخمر يملأ كل الموائد..لم أشرب قط...

ودعاني أيضا "القايد العربي" إلى وجبة عشاء لكنني رفضت الدعوة مما دفعه إلى أن يجلب معه الوجبة بنفسه إلى حيث كنت أقطن وعرض علي تسليمي حوالي 20 هكتار من الأراضي في الطريق الرابطة حاليا بين بوزنيقة وبنسليمان لكنني رفضت وكذلك فعلت حين عرض علي مبلغ 20 ألف ريال ذات مرة في السوق الأسبوعي...

- وما مقابل ذلك؟

- ربما أن نساعده وأن نوصل الأخبار إليه وأن لا نشي بما كان يقدم عليه من أفعال وخيمة..

- ماذا كان يفعل؟

- هذا الشخص كان خائنا لوطنه ويضع يده في يد المستعمر وهو أحد الموقعين على وثيقة خلع السلطان سيدي محمد بن يوسف، بالإضافة إلى طغيانه وجبروته رغم أن قامته لم تكن تتجاوز 1.20 متر (ضاحكا)....

- كنت من المقاومين البارزين في المنطقة هل كان هناك بعد الاستقلال أي اعتبار لشخصكم؟

- ما حصلت عليه هو إكرامية "ݣـريمة" !

- شكرا لكم "حاج سليمان" على شهادتكم هذه.

- العفو ولدي...الله يوفقك... تم الحوار يوم 20 أبريل 2014




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة 2013 | أعلن معنا | يوسف ادعبد االله | خريطة الموقع | سياسة الخصوصية