تــــاريخ الـــزمن الـــــراهن



 
 
 
 

 
 
 
 تــــاريخ الـــزمن الـــــراهن إعداد رشيد ݣرايد
 
 كلية الآداب والعلوم الإنسانية المحمدية – شعبة التاريخ والحضارة – م. قضايا عالمية راهنة.
 
مقــــــــدمة:

يأتي الزمن الراهن كامتداد للتطور الذي عرفته الاسطوغرافيا وبناء التحقيب كآلية للسرد التاريخي، وذلك بسبب أحداث مهمة طبعت القرن العشرين وحتمت على المؤرخ التعامل بآليات اشتغاله مع هكذا مواضيع والعمل في تقاطع مع العلوم السياسية والأنتروبلوجيا وعلم الإجتماع والصحافة..فماذا نعني بالزمن الراهن؟ متى ظهر؟ كيف بدأ الاهتمام به في المغرب؟ وماذا عن الاشكاليات التي يعرفها؟


I. التعريف بـ ”الزمن الراهن“: الزمن الراهن هو مرحلة تاريخية محددة بوجود فاعلين أحياء، أصحاب المذكرات والشهادات التي تمكن من معرفة الماضي القريب، فالشاهد هو العنصر المفتاح الذي يتم به التعرف على المرحلة مع ما يتطلب ذلك من حذر وحيطة في استخدامه، كما لا يخضع لخصائص باقي الحقب التاريخية فلا بداية محددة له ولا نهاية، فهو بالضرورة متحرك وغير ثابت بحيث تكون الكتابة فيه شبه معاصرة للأحداث ولا يمكن الاشتغال عليه إلا بوجود الفاعلين فيه وشهاداتهم حوله...

II. ظهور ”تاريخ الزمن الراهن“: تعود بوادر الاهتمام بتاريخ الزمن الراهن إلى الربع الأخير من القرن العشرين، وبالتحديد سنة 1978م حين تم تأسيس معهد ”تاريخ الزمن الراهن“ بفرنسا من طرف المؤرخ الفرنسي François Bédarida (1926-2001). جاء هذا المعهد ليعوض مايسمى بـ"لجنة تاريخ الحرب العالمية الثانية (CHDGM)" التي تأسست سنة 1951م ولم تعد كافية للإجابة عن حقول معرفية عرفها القرن العشرين بعد أن عوضت هي الأخرى لجنة تاريخ الاحتلال وتحرير فرنسا (CHOHF) التي أسست سنة 1944م وكانت تهدف إلى جمع كل الوثائق الممكنة الشاهدة على الجرائم المرتكبة في هذه الفترة بشكل أسرع، والتي تم تعويضها سنة 1951م.

III. تاريخ الزمن الراهن بالمغرب: يرجع الاهتمام بتاريخ الزمن الراهن في المغرب إلى حالة الانفراج السياسي التي عرفها مع بداية تسعينيات القرن العشرين وشكلت حكومة التناوب سنة 1998م أبرز محطاته حين أظهر الملك الراحل الحسن الثاني انفتاحا على مختلف القوى الوطنية، هذا بالإضافة إلى استمرارية هذا الانفراج وزيادته في المرحلة الموالية مع الملك محمد السادس الذي يعود له فضل تأسيس هيئة الانصاف والمصالحة سنة 2004م، هذه الأخيرة شكلت محطة لطي صفحة الماضي وجبر الضرر وتوثيق الشهادات. هذا كله حفز المؤرخين على إبداء آرائهم في المواضيع المطروحة والتي كانت حكرا على علوم أخرى خاصة بعد أن نبهت الهيئة السالفة الذكر الباحثين المغاربة إلى أن التاريخ السياسي الراهن لم يقرأ بعد بما يكفي من الموضوعية والدقة..

IV. إشكاليات تاريخ الزمن الراهن:

v غياب المسافة الزمنية بين الحدث والمؤرخ كما كان جاريا في الدراسات التاريخية التي تمس الحقب الأربعة للزمن التاريخي.

v الاشتغال على أحداث لم تكتمل بعد مما قد يضرب في الصميم صحة ما يدرس ويتبنى من آراء.

v عدم التمكن من الاطلاع على الأرشيف لأسباب أمنية محضة تتلعق بالأفراد أو الدولة.

v بالنسبة للمغرب: هناك إشكالية الانتقال من فترة الحماية إلى الزمن الراهن، فالفترة الأولى لم تلقى اهتماما كبيرا وهناك مجموعة من الأسئلة ماتزال مطروحة ولا يمكن فهم المرحلة اللاحقة دون الاجابة عنها. هذا بالإضافة إلى عامل ديني يتعلق بحرمة النبش في الموتى !

خاتــــــــمة: لابد أن نستحضر في الختام أن الزمن الراهن هو الآخر تطور للأسطوغرافيا التاريخية فرضته ظروف معينة شهدها القرن العشرين في العالم بأسره والمغرب أيضا، لكنه يظل محفوفا بعدة إشكاليات في التعامل معه.


البيليوغرافيا: ندوة: التاريخ الحاضر ومهام المؤرخ، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، 2009/ فريد بن سليمان، مدخل إلى دراسة التاريخ، مركز النشر العالمي، تونس، 2000 / حسام هاب: مقاربات المدارس التاريخية الأوربية لتاريخ الزمن الراهن (موقع جريد الاتحاد الاشتراكي الالكترونية) / حسام هاب: إشكاليات تاريخ الزمن الراهن بالمغرب (موقع جريدة الزمان العراقية الالكترونية) / عبد الحي المودن، هيئة الإنصاف والمصالحة والاشتغال على التاريخ الراهن (موقع المجلس الوطني لحقوق الانسان) / محمد حبيدة، راهنية التاريخ- عبد الأحد السبتي، التاريخ والثقافة الشفوية- ثريا السعودي، رهانات التاريخ الراهن (موقع مجلة رباط الكتب الاكترونية).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة 2013 | أعلن معنا | يوسف ادعبد االله | خريطة الموقع | سياسة الخصوصية