طائفة المورمون / إعداد رشيد كرايد (طالب بكلية الآداب والعلوم الإنسانية المحمدية)
المورمون طائفة نصرانية ينتمون إلى كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة التي أسسها سنة 1930 جوزيف سميث الذي يدعونه النبي الحقيقي محيي الكنيسة الحقيقة وتعاليم الانجيل الأصلية التي حذفتها الكنسية الكاثوليكية.
يبلغ أتباع المورمونية اليوم حوالي 12 مليونا في مختلف أنحاء العالم: كندا وأمريكا الجنوبية وأوروبا ولبنان(البلد العربي الوحيد الذي أُدخلت إليه الديانة بفضل مبشرين أمريكيين في عشرينيات القرن التاسع عشر)، غير أن نصف عددهم تقريبا يتمركز بالولايات المتحدة الأمريكية خاصة بولاية يوتا التي يشكلون 60% من مجموع سكانها، يتميزون عن غيرهم بكونهم يصومون مرة كل شهر ويحرمون المسكرات والقهوة والشاي ويؤدون عشورهم، ويتزوجون (الأصوليون منهم) بأكثر من واحدة رغم الفتوى التي تمنع ذلك والتي صدرت عن الزعيم الروحي للطائفة سنة 1891 (بعد حوالي 24 من صدور قانون منع تعدد الزوجات في الولايات المتحدة الأمريكية) وأذعن لها الكثيرون مثل المرشح الجمهوري ميت رومني المورموني الأصل الذي عبر عن انزعاجه من مسألة تعدد الزوجات التي حظرتها الكنيسة لأزيد من قرن من الزمن. تنسب إلى المورمون أكبر جامعة خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية أسست سنة 1875 على يد بريغهام يونغ الذي حملت اسمه وتقع في مدينة بروفو بولاية يوتا، و 98% من طلابها مومونيون (تضم عربا يدرسون في كلياتها ويحصلون على الجنسية الأمريكية مقابل اعتناقهم للمورمونية).
تعتبر الديانة المورمونية من الديانات المعاصرة والأكثر انتشارا في العالم بعد الإسلام. وكان من الطبيعي مادامت تعارض الكنيسة الكاثوليكية أن يتصدى لها رجال الدين التقليديون ويؤلبوا عليها الساسة وينعتونها بالهرطقة، كما يرى آخرون أن لليهود دور في نشوء الطائفة لزرع الفتنة داخل الكنائس النصرانية وتعزيز الانشقاق بين مكوناتها بغية التحكم فيها كما أن هناك من ينعتهم بشكل مباشر باليهود الصهاينة ماداموا يؤمنون بـ "تجمع إسرائيلالحرفي..."
.......................................................................................................................................
جامعة الحسن الثاني
كلية الآداب والعلوم الإنسانية المحمدية
مسلك التاريخ والحضارة
التيارات التاريخية المعاصرة
التــــــــيـــــــــــــــار الوضـــعـــــــــــــــــانــي
إعداد
رشــيد كــرايــد
2013/2014
محــــــــــــاور الموضوع:
* مقدمة.
I. السياق العام لظهور التيار الوضعاني.
II. أفكار ومبادئ المدرسة الوضعانية.
III. المنهج الوضعاني.
IV. انتقاد المدرسة الوضعانية.
* خاتمة.
تقــــــديــــــم:
التوجهات الجديدة التي خاض فيها علم التاريخ منذ القرن الثامن عشر كسائر علوم الإنسان الأخرى جعلت الكتابة التاريخية تخضع لعدة أنماط ومناهج مستقاة من مقاربات مختلفة لفهم تطور الحدث التاريخي والتي تمثل أبرز المدارس التاريخية التي عرفتها أوروبا، ومن بينها المدرسة الوضعانية التي تميزت عن نظيراتها بمنهجها وأفكارها. فما هي أهم التطورات التي عرفها علم التاريخ كسياق لظهور هذه المدرسة؟ وما أهم مبادئها وخطواتها المنهجية؟
I. السياق العام لظهور التيار الوضعاني:
بحلول عصر النهضة (القرن الـ16م) وعصر الأنوار (القرن 18م) بأوروبا ثار المفكرون على النظرة اللاهوتية في التاريخ وتشبثوا بفكرة أن الإنسان هو مركز التاريخ وأن التقدم بقيادة العقل الإنساني هو القانون الذي يسير تاريخ العالم[1]، فانتعشت فلسفة التاريخ حيث ظهرت أفكار حول مستقبل المادة وتطور الكائنات الحية وتقدم الإنسان. كما ازدهرت فلسفات التاريخ بحثا عن معنى للحياة البشرية في القرن التاسع عشر تحت تأثير مبادئ الثورة الفرنسية والثورات الأوروبية الأخرى: فولتار وكانت وآخرون اعتقدوا بحركية تصاعدية للإنسانية نحو وضعية مثالية، وكارل ماركس اتخذ من المادية الجدلية التاريخية نظرية علمية... فأصبح التاريخ يكتب بمناهج وأنماط متعددة تمثل مختلف المدارس التاريخية الكبرى.
مع مرور الوقت اتجه المؤرخون بمنأى عن المزايدات التاريخية نحو فحص مختلف للوثائق ونقدها في إطار صناعة التاريخ خاصة مع رائد المدرسة الوضعانية أوغست كونت (1798- 1857) الذي تقوم فلسفته على وصف تطوري للتاريخ من ثلاث مراحل عرضها في مجلداته الستة بعنوان "مسار الفلسفة الوضعية":
1. المرحلة اللاهوتية: فيها يفسر الناس الوجود في علاقته بتصرفات الكائنات المقدسة.
2. المرحلة الميتافيزيقية: فيها يتم البحث عن التفسيرات في علاقتها بالأسباب والمبادئ الأساسية.
3. المرحلة الوضعانية العلمية: التي تمت فيها الاستعاضة بالتفكير الوضعي عن التفكير اللاهوتي والميتافيزيقي، حيث يتم تفسير الوجود فيها باستخدام المنهج الوضعي[2]، فعلى ماذا تقوم أفكار هذا المنهج؟
II. أفكار ومبادئ المدرسة الوضعانية:
التاريخ بالنسبة للوضعانيين هو بالدرجة الأولى انعكاس لما تقدمه الوثائق المكتوبة التي تكون رصيد المؤرخ المعرفي من خلال مبادئ سطرها العديد من رواد المدرسة الفرنسية، والتي أخذوها عن المدرسة الألمانية أمثال Charles-Victor Langlois وCharles Seignobos[3] وغيرهما من الأفراد الذي أقاموا بعض الوقت بألمانيا ودرّسوا بجامعتها ونقلوا أفكار رائد المدرسة الوضعانية المؤرخ الألماني ليوبال فان رنك[4]. ومن جملة هذه المبادئ والأفكار:
* فرض بحث علمي في التاريخ ينأى عن كل المزايدات الفلسفية.
* بلوغ الموضوعية المطلقة في مجال التاريخ.
* تطبيق تقنيات صارمة في جرد الوثائق ونقدها.
هذا بالإضافة إلى حياد المؤرخ التام تجاه الأحداث التي يكتب عنها وأن مهمته هي وصف ما وقع حقيقة في الماضي بكل تجرد وموضوعية وليس في تقييم ذلك، إذ كان رواد المدرسة يعلنون عبر "المجلة التاريخية" عن حياهم وعدم انحيازهم في الكتابة التاريخية وتسخير المدرسة للعلم الوضعي الذي هو التاريخ من خلال منهج علمي دقيق، فما هو هذا المنهج؟
III. المنهج الوضعاني:
مادامت الوثائق هي الملاذ الوحيد للوضعانيين فإنهم يخضعونها في تعاملهم معها لعدة خطوات منهجية هي كالتالي:
تبنى رواد المدرسة هذا النهج الصارم[5] في تعاملهم مع الوثائق لتحقيق ما كانوا يدعون إليه نظريا، كان أوله بلوغ الموضوعية المطلقة، فهل وصلت المدرسة بالفعل إلى تحقيقها ؟
IV. انتقاد المدرسة الوضعانية:
دعوة رواد المدرسة الوضعانية إلى الموضوعية المطلقة زاغت عن الطريق السوي بحسب البعض، إذ كرسوا في الواقع إنتاجاتهم لخدمة الجمهورية الثالثة ومبادئها الاستعمارية من خلال "المجلة التاريخية" والكتب المدرسية التي كانوا يساهمون في وضعها ويدسون فيها الخطاب الايديولوجي الذي يمجد الظاهرة الاستعمارية على أنها رسالة حضارية تنقد المستعمرات من ظلماتها لتحولها إلى قوة اقتصادية.
من جهة أخرى ستتعرض المدرسة لانتقادات لاذعة خاصة من طرف مدرسة الحوليات التي عابت عليها إهمالها للوثائق غير المكتوبة كالتراث الشفوي والوثائق الأثرية، وحرصها على الاعتماد على التاريخ الرسمي المكون من الأحداث السياسية والعسكرية والدبلوماسية، وكذا غياب التأويل والروح التأليفية في مختلف إنتاجاتها.
خـــــاتـــــمة:
أهم مايمكن أن نلخص به كلامنا عن هذه المدرسة هو أنها استمدت أفكارها من الفلسفة الوضعانية التي أسس لها أوغست كونت، وأنها سعت إلى كتابة تاريخية موضوعية عبر الاعتماد على الوثائق، بل والاقتصار على الرسمية والمكتوبة منها والتي لها علاقة بالمواضيع العسكرية والسياسية والدبلوماسية أو بالشخصيات البارزة في التاريخ، وكل ذلك باعتماد منهج صارم في التعامل مع هذه الوثائق. لكن هذه النظرة الضيقة لمفهومي التاريخ والوثيقة ستتعرض لعدة انتقادات من طرف رواد مدرسة الحوليات في فرنسا.
المراجع المعتمدة:
* فريد بن سليمان، مدخل إلى دراسة التاريخ، مركز النشر الجامعي،تونس، 2000م.
* ليڤي بريل، فلسفة أوجيست كونت، ترجمة محمود قاسم ومحمد بدوي، مكتبة الانجلو المصرية،ط2، 1999م
[1] . فريد بن سليمان، مدخل إلى دراسة التاريخ، ص: 28-29.
. ليفي بريل، فلسفة أوجيست كونت، ص: 46-49.[2]
[3] .شارل سينيوبوس Charles Seignobos: 1854- 1942م. مؤرخ فرنسي مختص في تاريخ الجمهورية الثالثة، ألّف رفقة زميله شارل فيكتور لونجلوا Charles-Victor Langlois "مقدمة في الدراسات التاريخية" الذي يحمل أفكار المدرسة الوضعانية.
[4] .ليوبال فان رنك (Léopold Von Ranke): 1795- 1886م، مؤرخ ألماني يعتبر المؤسس للأسطوغرافيا الحديثة القائمة على الفحص المنهجي والنقدي للوثائق المصدرية، ترأس المجلة التاريخية والسياسية ببرلين من 1832 إلى 1835م، من مؤلفاته "تاريخ الشعوب الرومانية والجرمانية من 1494 إلى 1535".
[5] . أنظر فريد بن سليمان، مدخل إلى دراسة التاريخ، ص: 106. وسلسلة "Que sais-je ?"، ع: 1096، ص: 97.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق