الجغرافيون العرب ودورهم المرتقب في خدمة المجتمع " الدكتور مهدي الزغبي محاضر في التنمية البشرية والاقتصادية بجامعة دمشق الدكتور مهدي الزغبي.. دكتور في قسم الجغرافيا بجامعة دمشق



















الجغرافيون العرب ودورهم المرتقب في خدمة المجتمع " الدكتور مهدي الزغبي محاضر في التنمية البشرية والاقتصادية بجامعة دمشق الدكتور مهدي الزغبي.. دكتور في قسم الجغرافيا بجامعة دمشق



 باستشراف القرن الواحد والعشرين وما سوف يصاحبه من تطور وتغيير، يمكن التأكيد على أنه لاسبيل لتحقيق التقدم والإزدهار دون تحقيق الأستثمار الأمثل لكل الموارد البشرية العربية، وتأتي في مقدمة هذه الموارد تلك الطاقات الجغرافية الكامنة التي لاتزال تعاني في من التهمييش وعدم أستثمارها بالشكل المطلوب الذي يتناسب مع حجم الإمكانيات التي تمتلكها. أن الولايات المتحدة الأمريكية عدت الجغرافيا ضمن خمسة علوم أساسية ستواجه بها القرت الحادي والعشري، بينما لاتزال وللأسف سائدة في مجتمعاتنا العربية تلك النظرة التقليدية الساذجة عن علم الجغرافيا... حيث لا يزال ينظر إليه كدائرة معارف Encyclopedia فمن يجيد معرفة عواصم الدول وأعداد السكان ومساحاتها وارتفاعات الجبال وأطوال الأنهار .. وغيرها يعد جغرافي، متجاهلين أن مثل هذه المعلومات هي معلومات عامة قد يعرفها الجغرافي أو لا يعرفها وأنها ليست حكراً على الجغرافيين. ناهيكم عن التشكيك المستمر من قبل العديد من الإداريين وأن شئتم اصحاب القرار في جدوى تخصص الجغرافيا في ميادين العمل العربية. لقد انتهى منذ عقود العصر الموسوعي والوصفي لعلم الجغرافيا في الدول المتقدمة وحل محله الجانب التطبيقي المتمثل بإعداد الجغرافيين لخدمة القضايا المحتمعية وبخاصة تلك التي يرتبط نشاطها بالبحوث الاجتماعية والبيئية والتخطيط بالإضافة إلى الأنشطة الإدارية والتنموية. في بريطانيا وفي المانيا وفرنسا وروسيا واليايان والصين والولايات المتحدة ... وغيرها الكثير من الدول المتقدمة: نجد الجغرافي يعمل كمرشد سياحي كمخطط مدن كاخصائي بيئي كمصمم طرق كخبير عسكري كخبير خرائط كاستشاري تجاري نجده في البلديات في مشاريع التنمية في دوائر التخطيط الاقليمي



والزراعي والصناعي والسكاني والاقتصادي وفي مجالات استغلال الأرضي ومسح الموارد الطبيعية أو حسن استغلالها وفي حل المشكلات البيئية، وفي وفي.. ... بينما يكاد يقتصر عمل الجغرافيين في معظم دولنا العربية في مجال التدريس فحسب مع استثناءات بسيطة في بعض الدول، وأنا ومن موقعي( دكتور مدرس) في أحد أقسام الجغرافيا في إحدى الجامعات العربية، استطيع القول: إن قسم كبير من خريجي الجغرافيا العربية يمتلكون الكفاءة المطلوبة للعمل في ميادين ومجالات عديدة.. فالعمل في مضمار التربية والتعليم العالي هو جزء فقط من قدراتها. لذلك لابد من الأخذ بعين الاعتبار تجارب الدول الأخرى في مجال استثمار كفاءات الجغرافيين وطاقاتهم وتقنياتهم خاصة وأن سوق العمل العربية تذخر بمناحي شتى وعديدة يمكن في ثنايها استثمار خريجي الجغرافيا من الجامعات العربية لاسيما أن قطاعي التربية والتعليم العالي لم يعد بمقدورهما استثمار الأعداد الهائلة من الخريجين. في الماضي تم تغييب الجغرافيين العرب عن المشاركة في التخطيط الاقليمي والزراعي والصناعي والسياحي والريفي والنقلي والحضري وتخطيط المدن، أو في المشاريع الكبرى ذات الصلة بالتنمية. إن ما سبق وذكر من تهميش وتغييب وإقصاء يذكرني بما قاله الجغرافي الشهير / جيل سوتير / في النصف الأول من القرن الماضي عندما كان الجغرافيون الامريكيين والغربيين يعانون من هذه المشكلة، حيث قال سوتير: إن الجغرافيا تلغى اليوم بموجب مرسوم إداري.


والسؤال الذي يطرح ذاته اليوم.. هل سوف يستمر هذا التهميش الكبير لدور الجغرافيين العرب وخبراتهم؟ وهل سوف يسند للجغرافيين الدور الاستشاري أو التخطيطي الفاعل في المشروعات التنموية (الاجتماعية والاقتصادية) ؟ وهل سوف يفسح لهم المجال للعمل في المجالات التي تدخل في صلب اختصاصاتهم والتي تعد مجالات ذات علاقة وثيقة بالمواد الدراسية التي تدرس في أقسام الجغرافيا في الجامعات العربية ? وللأسف أنا أسلط الضوء هنا على قضية أو دعونا نقول مشكلة تجاوزها الغرب منذ عدة عقود.. لكن الأمل يبقى موجود خاصة وأن مصير عشرات الآلاف من خريجي الجغرافيا العربية قد يكون مرتبط بحل هذه المشكلة. 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة 2013 | أعلن معنا | يوسف ادعبد االله | خريطة الموقع | سياسة الخصوصية