إتجاهات التوسع العمراني وأنواعه في الساحل المغربي حالة إقليم بنسليمان
يوسف إد عبد الله
يوسف إد عبد الله
أدى ارتفاع معدلات النمو السكاني بمنطقة الدراسة وازدياد الكثافة السكانية وخاصة في الإقليم إلى الحاجة الملحة لإقامة المزيد من الوحدات السكنية والمنازل سواء في القرى أو المدن وما يلزمها من شبكات بنية أساسية ، وقد كان التوسع الذي شهده الإقليم على محورين : الأول المحور الرأسي : يقصد به زيادة الرقعة المبنية بالفعل من خلال تحقيق اقصى استفادة من المساحة المبنية بزيادة عدد طوابق المسكن الواحد لإسيعاب الزيادة السكنية وهذا امر مألوف في المدينة ولكنه أخد ينتشر في الظواحي أيضا حيث يشاهد الآن في كثير من القرى والمنازل متعددة الطوابق والتي تساعد على استيعاب اسر متعددة في العائلة الواحدة .الثاني: المحور الأفقي : يقصد به امتداد الحيز العمراني للمدينة أوالقرية على أراضي جديدة كانت قبل ذلك خارج الحيز العمراني وقد كان للتحضر الساحلي انعكاسات أساسية على عدة اتجاهات كما يلي :
الاتجاه الأول: التوسع الكبير للأحياء غير المهيكلة :
توسع العمران على حساب الأراضي الزراعية كبير في جميع مناطق الشريط الساحلي فأمام الطغط الكبير الذي تتلقاه بعض المدن التي لها قاعدة اقتصادية مهمة فإن عددا من أحياء هذه المنطقة يقوم بدون أي تخطيط مسبق تتداخل فيه المجموعات السكنية والمعامل والمرافق الإقتصادية والإجتماعية ، منه ما هو من نوع البناء العفوي أوالعشوائي ومنه ماهو من القصدير.فعدد من الدرسات الجامعية إهتمت بهذا الموضوع وخلصت في مجملها إلى أن المنطقة الساحلية في الإقليم تضم أحياء شاسعة يقطنها الفقراء بنسب كثافة سكانية مرتفعة جدا والتجهيزات الأساسية الضرورية بها قليلة .[1]
الاتجاه الثاني: التوسع على حساب الأراضي الزراعية :
إن هذا التوسع المذهل لبعض المناطق الساحلية (المنصورية.وبوزنيقة) يكون على حساب الأراضي الفلاحية التي كانت مجهزة للإنتاج الفلاحي لقربها من المدينة ، ولهذا القرب من المدينة تنشط المضاربات العقارية التي أصبحت متحكمة في مصير النمو الحضري لعدد من المدن المغربية لإرتفاع الحاجيات السكنية فيها وكذلك في الحد من الإنتاج الفلاحي ببعض الضواحي حيث إن المضاربين يشترون الضيعات ويتركونها بورا في انتضار الفرصة لتجزئتها إلى أراضي صالحة للبناء ، وقد تبقى في انتظار سنوات كثيرة .فهذه الإزدواجية بين الفلاحة والبناء ظاهرة منتشرة في جميع أطراف المدن الساحلية وكذلك الإزدواجية بين السكن الحضاري والسكن القروي على مساحات كبيرة كما هو الحال في جميع ضواحي الإقليم .[2]
الاتجاه التالث: تدمير الشواطئ والبيئة :
فزحف المدينة لايخص المناطق الزراعية فحسب ولكن كذلك الشواطئ الرملية – هذا المجال الطبيعي القريب جدا من مياه البحر والمكون من حزام التلال الرملية الحديثة الظعيفة المقاومة لحداثة تكوينه بعمليات التدرية والمد والجزر والذي إذا كثر تدخل الانسان في أجزاء منها سواء بواسطة التشييد أوإفراغ رماله لاستعمالها في عملية البناء فإنه ينجرف وتنشط عوامل التعرية الساحلية فيه ويتدهور الغطاء النباتي وإذا استمرت الحالة على نفس الوتيرة فسوف تنقرض معظم الشواطئ الرملية التي هي قليلة في عددها أصلا ، وهذه الظاهرة تلاحظ في جميع الشواطئ في الإقليم التي توسعت فيها السياحة إما ببناء إقامت اصطيافية أو مجموعات سكنية . وأفضل مثال على ذلك الشواطئ الموجودة ببوزنيقة والمنصورية .وقد أدى زحف العمران على بعض أراضي إقليم بنسليمان إلى فقد أراضي تتميز بجودة انتاجها وقلة تكاليف الزراعة وخصوبتها العالية بالإضافة إلى تقلص المساحات الغابوية بعد أن زحف العمران السياحي على أراضيها.[3]
وهذا التوسع العمراني كان بمثابة الحل البديل لاستيعاب النمو السكاني المتزايد بالاقليم وتخفيف الظغط على المدن المجاورة .إلا أنه يمثل عبئاً جديداً على الموارد المائية من حيث تزايد الطلب على المياه في الأغراض المنزلية والخدمية على الوضع الحالي، وارتفاع تكاليف مد شبكات المياه في هذه المناطق ولذلك ينبغي أن يوضع في الإعتبار تقدير الإحتيجات المائية وإمكانية الوفاء بها لتحقيق الاستقرار الحقيقي للسكان في تلك المناطق.
[1] رشيدة نافع واخرون (2000) الساحل افاق التنمية في المغرب العربي منشورات كلية الادب والعلوم الإنسانية المحمدية سلسلة الندوات رقم 10: ص:22
[2] المرجع السابق: ص:22
[3] المرجع نفسه ص ص:22-23
المصدر بتصرف يوسف إد عبد الله الموارد المائية الواقع والتحديات حالة إقليم بنسليمان http://magazine-geo.blogspot.com/2015/05/20132014.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق