دينامية الموارد المائية و أشكال الاستغلال بواحات درعة الوسطي : حالة مزكيطة و فزواطة
تعد إشكالية الماء من أهم القضايا الكبرى التي تستحق أن تحظى بالأولوية في سياسات الحكومات الحالية والمستقبلية، لقد أصبح من الضروري وضع إستراتيجية شمولية لهذا القطاع الحيوي للحفاظ على الموارد المائية وتدبيرها بكيفية مندمجة،خاصة في المجالات الواحية ، على اعتبار أن التحدي الأساسي الذي يواجهه المغرب مع بداية الألفية الثالثة، يتمثل أساسا في إقامة تدبير مستدام وفعال لموارده المائية وخاصة في ظروف تتميز بندرة الماء وتتسم بفترات جفاف هيكلي يوازيها تزايد مستمر في الحاجيات. فقد ظل المجال المغربي ولأمد بعيد، يعاني من إشكال ندرة الموارد المائية الموجهة لتلبية الحاجيات الأساسية للساكنة وكذا قلة جودتها، سواء السطحية منها أو الجوفية، شأنه في ذلك شأن مجموعة كثيرة من الدول. فندرة الماء وتدهور جودته، لا تعرقل عملية التنمية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي فقط، بل تهدد حتى وجودها. هذا الوضع الذي كان نتاج انتماء المجال المغربي إلى الحزام الجاف وشبه الجاف. هكذا يعتبر الطلب المتزايد على الموارد المائية من بين أكبر الإشكالات التي شكلت هاجسا حقيقيا، يعد حله رهانا تنمويا لدى مجموع الفعاليات السياسية والمدنية داخل المجتمع المغربي، وهو ما استدعى ضرورة تبني جملة استراتيجيات العمل الطامحة إلى إيجاد تدبير مثالي للموارد المائية، مبني على أساس تلبية الحاجيات المتزايدة وضمان خدمة ناجعة ومستدامة. خصوصا بالمناطق الأكثر جفافا كالواحات المغربية على سبيل المثال . حيث تعد المجالات الواحية على العموم تعاني بشكل كبير من ندرة المياه، ويرجع ذلك إلى عوامل تتعلق بالتساقطات المطرية، إلى جانب طبيعة الأرض التي تعرف ضعفا في الغطاء النباتي، هذا العامل لا يساعد على استفادة الفرشات المائية الباطنية من كميات الأمطار المتساقطة. فالأمطار غالبا ما يؤدي اصطدامها بسطح الأرض، إلى تفكيك وتشتيت التجمعات الترابية وهو ما يؤدي بدوره إلى تكدس التربة التي تفقد أهم عناصرها وهو "النفادية". وفي هذه الحالة تبقى المستويات السفلى من التربة جافة، بينما المستويات العليا يتكون فيها سيل سطحي يجرف العناصر الترابية الدقيقة، وبالتالي فإن الفرشة المائية الباطنية والتي تعتبر المصدر المائي الوحيد بالمنطقة تبقى مهددة بالجفاف خلال السنوات المقبلة. إضافة إلى العوامل الطبيعية(المناخية)، هناك عامل أخر يتعلق بالإنسان الذي يؤثر من خلال تدخلاته في المجال على المياه السطحية والباطنية أيضا، فغياب شبكة التطهير بالمنطقة - ولسنوات طويلة- ساهم في تلوث الفرشة المائية الباطنية وذلك من خلال تصريف المياه العادمة بطرق غير رشيدة، مما أدى إلى تسربها وبشكل بطيء إلى الفرشة المائية. ويظهر تدخل الإنسان غير المعقلن أيضا بهذا المجال من خلال القضاء على بعض العيون المائية. إلى جانب العوامل الطبيعية والبشرية، هناك عوامل تقنية مرتبطة بكيفية تدبير النظم المائية بهذه المنطقة، حيث اتضح أن إدارة المياه تتم بطرق تقليدية وعرفية تعتمد بالأساس على حقوق المياه ودورات المياه، متأثرة بذلك على أساليب الري المتبعة على مستوى الحقول الفلاحية . بناء على هذه العوامل المتعددة، وبالنظر لخصوصيات المجال(مجال واحي)، ستتمحور إشكالية بحثنا حول دراسة وتحليل ندرة الموارد المائية " بوحتي مزكيطة و فزواطة " وبدرجة أكبر تأثيرها على الأنشطة البشرية بالمنطقة، وكذا إشكالية تدبيرها واستغلالها، بالإضافة إلى استراتيجيات التدخل.
المصدر بتصرف :عبد الرحيم أيت الطالب تقــــــــــــرير مشروع إعـــــــــــــادة التـــــــــــــسجيل في الدكــــــــــــــــــتورة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق